للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤجر في النَزْع”، وساق تحته قوله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن يموت بعرق الجبين” ١، كما قد جاء في حديث آخر قوله صلى الله عليه وسلم: “الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم مس القرصة” ٢.

وهذا يدل على أن الأصل تخفيف نزع روح المؤمن، إلا أنها قد تشدّد على من أراد الله سبحانه وتعالى من المؤمنين؛ تكفيراً لسيئاتهم، أو رفعاً لدرجاتهم؛ قال القرطبي في معرض حديثه عن سكرات الموت: قال القرطبي: (قال علماؤنا رحمة الله عليهم: فإذا كان هذا الأمر قد أصاب الأنبياء والمرسلين والأولياء فما لنا عن ذكره مشغولين؟ وعن الاستعداد له متخلفين؟ قالوا وما جرى على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين من شدائد الموت وسكراته فله فائدتان:

أحدهما: أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت وأنه باطن، وقد يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة ولا قلقاً، ويرى سهولة خروج روحه، فيغلب على ظنه سهولة أمر الموت ولا يعرف ما الميت فيه، فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم شدة ألمه مع كرامتهم على الله تعالى، وتهوينه على بعضهم قطع الخلق بشدة الموت الذي يعانيه ويقاسيه الميت مطلقاً لإخبار الصادقين عنه، ما خلا الشهيد قتيل الكفار....

الثانية: ربما خطر لبعض الناس أن هؤلاء أحباب الله وأنبياؤه ورسله، فكيف يقاسون هذه الشدائد العظيمة؟ وهو سبحانه قادر أن يخفف عنهم أجمعين. فالجواب: أن “أشد الناس بلاءً في الدنيا الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل” ٣


(١) رواه ابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ما جاء في المؤمن يؤجر في النزع ح١٤٥٢ وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ١/٢٤٥ح ١١٨٨.
(٢) رواه ابن ماجه، كتاب الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله ح ٢٨٠٨ وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ح٩٦٠ وصحيح سنن ابن ماجه ٢/١٣٠ح ٢٢٦٠.
(٣) طرف من حديث رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء ح ٢٣٩٨ ورواه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء ح٤٠٢٣ وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ٢/٣٧١ ح٣٢٤٩.

<<  <   >  >>