للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالموت، وصار في حالة من لا ينتفع بالإيمان لو آمن، وهو الوقت الذي قال فيه: هو على ملة عبد المطلب، عند خروج نفسه، فرجا له عليه السلام إن قال: لا إله إلا الله، وأيقن بنبوته أن يشفع له بذلك، ويحاج له عند الله في أن يتجاوز عنه، ويتقبل منه إيمانه في تلك الحال، ويكون ذلك خاصاً لأبي طالب وحده؛ لمكانه من الحماية والمدافعة عن النبي عليه السلام ...

ويحتمل وجهاً آخر: وهو أن أبا طالب كان ممن عاين براهين النبي عليه السلام وصدق معجزاته، ولم يشك في صحة نبوته، وإن كان ممن حملته الأنفة وحمية الجاهلية على تكذيب النبي ... ، فاستحق أبو طالب ونظراؤه على ذلك من عظيم الوزر وكبير الإثم أن باؤوا بإثمهم على تكذيب النبي عليه السلام، فرجا له عليه السلام المحاجة بكلمة الإخلاص عند الله، حتى يسقط عنه إثم العناد والتكذيب لما قد تبين حقيقته وإثم من اقتدى به في ذلك، وإن كان الإسلام يهدم ما قبله لكن آنسه بقوله: “أحاج لك بها عند الله” لئلا يتردد في الإيمان، ولا يتوقف عليه؛ لتماديه على خلاف ما تبين حقيقته، وتورطه في أنه كان مضلاًَ لغيره.

وقيل: إن قوله”أحاج لك بها عند الله" كقوله”أشهد لك بها عند الله"، لأن الشهادة المرجحة له في طلب حقه؛ ولذلك ذكر البخاري هذا الحديث في هذا الباب بلفظ (الشهادة”١ لأنه أقرب للتأويل، وذكر قوله”أحاج لك بها عند الله) في قصة أبي طالب في كتاب مبعث النبي عليه السلام، لاحتمالها التأويل”٢.

ونص بعض أهل العلم على أن الخبر الذي فيه حضور أبي طالب الوفاة مطابق لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} ، وبالتالي فإن الأوضح أن يقال بأن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم مع أبي طالب، واستدل من قال بهذا القول بأمرين:


١ أي في باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله، من كتاب الجنائز.
٢ شرح صحيح البخاري ٣/٣٤٤- ٣٤٦.

<<  <   >  >>