للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وينبغي في أسلوب الزجر مراعاة الحكمة ومنها:

أن يمازج بين الزجر واللين كل بحسب الحال والمقتضى، لا سيما إن كان يقوم بالزجر أكثر من واحد كالأبوين أو الحاكم ونائبه فيأخذ هذا بالزجر وهذا باللين ليذهب كل منهما ما لدى الآخر من الفتور أو الغلظة، ومن الأمثلة عليه ما رواه ابو بكر الكوفي قال حدثنا عبد الله بن نمير عن مجالد عن الشعبي قال قال زياد: “ كتب إلي أمير المؤمنين أنه ليس ينبغي لي ولا لك ان نسوس الناس سياسة واحدة أن نلين جميعا فتمرح الناس في المعصية ولا أن نشد جميعا فنحمل الناس على المهالك ولكن تكون للشدة والفظاظة وأكون للين والرأفة والرحمة” ١.

أن يتجنب السب والشتم واللعن ـ كما تقدم ذكره في أسلوب الوعظ ـ فإن ذلك ليس من منهاج الصالحين وقد يتورط فيه من يتكرر منه الزجر كالآباء والمعلمين ونحوهم، ومما يتجنب أيضا الدعاء على المزجور ففي حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم “ ٢.

والخلاصة أن الزجر أسلوب في منع العاصي من المضي في معصيته وينبغي أن لا يكون للتشفي ولا للإهانة لذاتها، ولا للإنتقام للنفس ولا لشئ من مقاصد النفس، وإنما يكون الزجر لله تعالى ولانتهاك محارمه وتعدي حدوده، وإذا لم ينفع العاصي الزجر فالردع، وفيما يلي الحديث عنه.


١ مصنف بن أبي شيبة ٦ / ١٨٧ (٣٠٥٥٤) .
٢ م: الزهد والرقائق (٣٠١٤) ، د: الصلاة (١٣٠٩) ، أحمد: الأنصار (٢٥٧٣٢)

<<  <   >  >>