المفترين) فأخذوا برأيه واستصوبوه واستمروا عليه، وإنما كان مستندهم فيه الرجوع إلى المصالح والتمسك بالاستدلال بالمرسل، فلم يكن في زمان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حد مقدر، وإنما جرى الزجر فيه مجرى التعزيز=، ولما انتهى الأمر إلى أبي بكر رضي الله عنه قرره على طريق النظر بأربعين.
قال الغزالي بعد حكايته ذلك: وهذه هي المصلحة المرسلة التي يجوز اتباع مثلها.
٨ - ومنها: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد جمع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على قراءة واحدة، ومصحف واحد، وحرق ما دونه من المصاحف الأخرى، اتقاء للفتنة التي نشأت على إثر اختلاف المسلمين في القراءة.
فقد روي عن أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان كان يغازي أهل الشام، وأهل العراق في فتح أرمينية وأذربيجان، فأفزعه اختلافهم في القرآن، فقال لعثمان رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلفت اليهود والنصارى، فنسخ عثمان رضي الله عنه المصاحف، وبعث في كل أفق بمصحف، ثم أمر بما سوى ذلك من القراءة في كل صحيفة أو مصحف أن تحرق وذلك حفاظاً على مصلحة الأمة في توحيد صفوفها وجمع كلمتها، فلا يكون بينها ما يدفع إلى النزاع أو يثير الفتنة والشقاق في صفوفها، ولم يرد بذلك نص ولكن مصلحة ذلك راجعة إلى حفظ الشريعة، والأمر بحفظها معلوم.
٩ - ومنها: هدم عثمان رضي الله عنه الأوقاف التي بإزاء مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتوسعة بها في المسجد عند ضيقه، وكذلك تجديده أذاناً في