هو تنقيح مناط للخلاف السابق، وحاصله: أن التقليد يطلق تارة بمعنى قبول قول الغير بلا حجة، وتارة بمعنى: الاعتقاد الجازم، لا لموجب، فالتقليد بالمعنى الأول قد يكون ظنا أو وهما كما في تقليد إمام في فرع من الفروع مع تجويز أن يكون الحق في خلافه، ولا شك أن هذا لا يكفي في الإيمان عند الأشعري وسائر الموحدين، وينزل عليه مقصود الأشعري إيمان مقلد لا يصح أن يثبت عنه، وأما التقليد بالمعنى الثاني فلم يقل أحد من الأئمة إنه لا يكفي في الإيمان إلا أبو هاشم من المعتزلة كذا حكاه المصنف عن والده وكذا نقله الآمدي في (الأبكار)؛ فقال: وصار أبو هاشم إلى أن من لا يعرف الله تعالى بالدليل فهو كافر، لأن ضد المعرفة النكرة، والنكرة كفر، وأصحابنا يجمعون على خلافه، وإنما اختلفوا فيما إذا كان الاعتقاد موافقا للمعتقد، من غير دليل ولا شبهة فمنهم من قال: إن صاحبه مؤمن عاص بترك النظر الواجب، ومنهم من اكتفى بمجرد الاعتقاد الموافق للمعتقد وإن لم يكن عن دليل وسماه علما، وعلى هذا فلا يلزم من وجوب المعرفة بهذا التفسير وجوب النظر.
ثم قال المصنف: إن الإنسان إذا مضى عليه زمن لا بد أن يحصل عنده دليل وإن لم يكن على طريقة أهل الجدل فإن فرض تصحيح