للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

جازم ولا دليل عنده فهو الذي ينكره أبو هاشم ولعله المنسوب للأشعري، والصحيح أنه ليس بكافر، وأن الأشعري لم يقل بذلك، نعم اختلف أهل السنة في عصيانه والأصح عند أبي حنيفة أنه مطيع وعند آخرين أنه عاص، وهو الخلاف في وجوب النظر، وأقول من منع التقليد وأوجب الاستدلال لم يرد التعمق في طرق المتكلمين بل اكتفى بما لا يكاد يخلو عنه من نشأ بين أظهر المسلمين كالاستدلال بالمصنوع على الصانع، ويحكى عن بعض الأعراب أنه قيل له: بما عرفت ربك؟ فقال: البعر يدل على البعير وآثار الخطا يدل على المسير فهيكل علوي وجوهر سفلي لم لا يدلان على العليم الخبير؟ وهذا هو الموافق لطريقة السلف، فكل من وجد في نفسه إيمانا جازما بما ذكرناه وكان صدره منشرحا وقلبه مطمئنا كفاه ذلك في استحقاق اسم الإيمان سواء اتضحت له الطرق التي حصل له ذلك بها أم لا، أحسن التعبير عنها أم لا، فإن قيل: كيف يمكن حصول الإيمان الجازم لمن لا يعرف الدليل؟ قيل: إذا حصل في الذهن مقدمات ضرورية وتآلفت من غير قصد تآلفا صحيحا أنتجت العلم وإن كان العالم بالنتيجة (٧٨/ك) لو سئل عنها كيف حصلت له؟ ما اهتدى لذلك ألا ترى أن من تواتر عنده شيء حتى أورث له العلم به يجد نفسه عالما به، وإن كان لا يستحضر أفراد المخبرين له ولا أخبارهم كما نجد أنفسنا عالمين بالأمم السالفة ولا نستحضر السبب الذي علمنا به ذلك، وبهذا يتضح كون الصحابة رضي الله عنهم لم ينقل عنهم اعتناء بهذه القوانين، مع الاتفاق على أنهم أقوى الخلق بعد النبيين إيمانا. والله تعالى يغنينا عن عقائدنا بأنواره ويكشف حجاب قلوبنا عن حقائق أسراره.

فائدة: قال ابن عبد السلام في (القواعد): إذا بلغ المكلف وليس له اعتقاد

<<  <  ج: ص:  >  >>