ثابتة. وهذا من الربا الصريح الواضح وأما المصارف الإسلامية، فإنها تصنع مع التجار نفس الصنيع ولكن عن طريق دورة طويلة من الإجراءات التي لا داعي لها. فالتاجر الذي يأتيها يريد (سيولة) نقوداً حاضرة تقول له نحن لا نقرضك مالاً (لأننا بنك إسلامي) . ولكن ما هي البضاعة التي تريدها أرنا إياها ونحن نشتريها ثم نبيعها لك. بشرط أن تتكفل أنت بجميع مصاريف الشحن والتأمين وجميع الالتزامات الأخرى التي تترتب على نقل هذه البضاعة ونأخذ منك عشرة في المائة. هذه هي صورة معاملة البنك الإسلامي مع التاجر الذي لجأ إليه من أجل (السيولة) النقود وهكذا يكون البنك الإسلامي ضامناًَ للربح غير مخاطر بشيء- فهو يوهم نفسه ويوهم الناس أنه يتاجر والحال أنه مقرض بفائدة وما قضية الشراء والبيع إلا تمثيلية وقد يسأل سائل وما الحرام في ذلك والجواب أن الحرام يتأتى من أن البنك الإسلامي في هذه الحال يبيع ما ليست عنده وما لا يملك وهذا لا يجوز في الشريعة، ويبيع البضاعة ولم يتسلمها بعد ولم ينقلها إلى مخازنه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه (كما في صحيح مسلم) وكذلك سائر البضائع والتجارات وكذلك فالبنك هنا ليست تاجراً وإنما هو مقرض فقط فهو لا يشتري لنفسه وإنما يشتري لغيره، ولا يلتزم بشيء بتاتاًَ نحو تجارته فلا هو ملزم بنفقات نقلها، ولا بضمانها إذا هلكت بل وهو أيضاً غير ملتزم بتسليمها إلى المشتري وإنما يسلمه المستندات وهو يذهب لاستلام بضاعته التي تكون مازالت في عرض البحر. ولذلك فالتاجر يكون في جانب المخاطرة والبنك الإسلامي يكون في جانب الأمان التام شأنه في ذلك شأن البنك الربوي تماماً إلا أن البنك الربوي وصل إلى مقصوده دون لف ودوران والبنك الإسلامي لا يصل إلى مقصوده إلا بزيادة عناء ولف ودوران. وهكذا تكون (الشريعة الإسلامية) على هذا النحو مزيداًَ في التعقيد والتطويل مع فعل نفس الأمر الذي حرمه الله سبحانه وتعالى.