للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما ما أشار إليه الترمذي من حديث قرة بن خالد فرواه مسلم كما سبق ذكره، ورواه أيضاً الإمام أحمد في مسنده١وحديث مالك رواه أبو داود كما سبق ذكره ورواه مالك في موطئه أيضاً٢.

وقد أطال العلماء الكلام في رواية قتيبة بن سعيد وملخص هذه الأقوال كما ذكره الشوكاني هي خمسة:

أحدها: أنه حسن غريب كما قال الترمذي.

الثاني: أنه محفوظ صحيح قاله ابن حبان.

الثالث: أنه منكر قاله أبو داود.

الرابع: أنه منقطع قاله ابن حزم.

الخامس: أنه موضوع. قاله الحاكم. انتهى٣.

أقول: هذه الأقوال تدور حول علتين. إحداهما تفرد قتيبة بن سعيد، والثانية عنعنة يزيد بن أبي حبيب ويجاب عن الأولى بأن قتيبة بن سعيد ثقة ثبت كما قال الحافظ، فلا يضر تفرده كما هو معلوم في علم الحديث وتخطيئة الثقات بالظن أمر مرفوض لأنه يؤدي إلى الشك في جميع الثقات.

ويجاب عن الثانية بأن يزيد بن حبيب غير معروف بالتدليس، وقد أجرك أبا الطفيل حتماً، فإنه ولد سنة ٥٣ ومات سنة ١٢٨،وتوفي أبو الطفيل سنة ١٠٠هـ أو بعدها وعمر يزيد حينئذ ٤٧ سنة٤.

وأما دعوى الحاكم٥ بأنه موضوع فباطل قال الحافظ في التهذيب٦ إن البخاري قال: قلت لقتيبة مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل. قال: مع خالد المدائني: قال محمد بن إسماعيل: وكان خالد المدائني هذا يدخل الأحاديث على الشيوخ. وقال أبو سعيد يونس لم يحدث به إلا قتيبة، ويقال إنه غلط وإن الصواب عن أبي الزبير، ثم قال الحافظ: "وما اعتمده الحاكم من الحكم على ذلك بأنه موضوع فليس بشيء. فإن مقتضى ما استأنس به من الحكاية التي عن البخاري أن خالداً أدخل هذا الحديث عن الليث ففيه نسبة الليث مع إمامته، وجلالته


١ مسند أحمد: ٥/٢٢٨ -٢٢٩.
٢ موطأ مالك: ١/١٢٢ – ١٢٣ مع التنوير.
٣ انظر نيل الأوطار: ٣/٢٦٢.
٤ انظر ارواء الغليل: ٣/٣٠ وقد أطال الشيخ الألباني في الرد على من يضعف هذا الحديث.
٥ لقد أطال الحاكم الكلام على هذا الحديث في كتابه علوم الحديث وحكم عليه بأنه موضوع وعلل ذلك ((بأنه شاذ الاسناد والمتن, ولا نعرف له علة نعلل بها)) مع اعترافه بأن رواته أئمة ثقات. ص١١٩-١٢١ والمعروف ليس شاذ ما انفرد به الثقة بل إنما الشاذ أن يخالف الراوي وغيره ممن هو أحفظ منه وأوثق.
٦ ٨/٣٦٠

<<  <   >  >>