للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى الغفلة حتى يدخل عليه خالد ما ليس من حديثه، والصواب ما قاله أبو سعيد بن يونس أن يزيد بن أبي حبيب غلط من قتيبة، وأن الصحيح عن أبي الزبير، وكذلك رواه مالك وسفيان عن أبي الزبير عن أبي الطفيل لكن في متن الحديث الذي رواه قتيبة التصريح بجمع التقديم في وقت الأولى وليس في حديث مالك، إذ أجاز أن يغلط في رجل من الإسناد فجائز أن يغلط في لفظة من المتن، والحكم عليه مع ذلك بالوضع بعيد جداً" وهذه الغلطة التي نسبها الحافظ إلى قتيبة بن سعيد غير مسلم لأنه من الثقات. فإذا زاد في روايته ولم ينكر عليها أحد من زملائه فلا يحكم عليه بالغلط، بل هو من قبيل زيادة الثقة وهي مقبولة.

ولحديث معاذ من طريق قتيبة بن سعيد في جمع تقديم شاهد من حديث ابن عباس. وهو الآتي:

٢-حديث ابن عباس: قال: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر قال قلنا بلى قال: "كان إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت المغرب في منزله جمع بينهما وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب، حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما"١

فقه الحديث: هذا الحديث يدل على جواز الجمع مطلقاً بسبب السفر وهو اختيار الإمامين الشافعي وأحمد. وبه قال جماعة من الصحابة منهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأسامة بن زيد، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى، وابن عمر وابن عباس وغيرهم. وهو لرأي جماعة من التابعين منهم: عطاء بن أبي رباح، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، وربيعة، وأبو الزناد ومحمد بن المنكدر. وصفوان بن سليم، وهو رأي الثوري، وإسحاق، وأبن ثور، وابن المنذر، ومن المالكية أشهب وغيرهم.

والنظر يشهد له ذلك فإن الله أباح للمسافر أن يقصر من الصلوات بسبب السفر الذي هو مظنة للمشقة. فالجمع أولى بالرخصة فإن الصلوات في أوقاتها أعظم مشقة في السفر.


١ رواه الشافعي (١/١١٦) وأحمد (١/٣٦٧ – ٣٦٨) والدارقطني (١/٣٨٨) والبيهقي (٣/١٦٣) من طرقهم عن ابن جريج عن حسين ابن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة وكريب كلاهما عن ابن عباس.
وحسين ضعيف. قال الحافظ في التلخيص (٢/٤٨) واختلف عليه فيه وجمع الدارقطني في سننه بين وجوه الاختلاف فيه, إلا ان علته ضعف حسين, ويقال إن الترمذي حسنه وكان باعتبار المتابعة, وغفل ابن العربي فصحح اسناده لكن له طريق أخرى أخرجهما يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده عن أبي خالد الأحمر, عن الحجاج, عن الحكم, عن مقسم, عن ابن عباس, وروى إسماعيل القاضي في الأحكام عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عم سليمان بن بلال , عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس نحوه)) انتهى.
قال الشيخ الألباني: "فالحديث صحيح عن ابن عباس بهذه المتابعات والطرق, وقواه البيهقي بشواهد فهو شاهدآخر لحديث معاذ من رواية قتيبة تدل على حفظه, وقوة حديثه" راجع ارواء الغليل (٣/٣٢)

<<  <   >  >>