للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي عام ٢٩٨ هـ، غزا القاسم بن سيما بلاد الروم، ورجع إلى بغداد بأسارى، بأيديهم أعلام عليها صلبان، وحاول الروم أن يقصدوا اللاذقية بحرا١، فردّ رستم أمير الثغور بأن غزا الصائفة ومعه دميانة (غلام زرافة) من ناحية طرسوس، وحصر حصن مليح الأرمني، ثم دخل بلده، وأحرقه٢.

وفي عام ٣٠٠ هـ قلّد المقتدر مؤنس الخادم الحرمين والثغور، وولىّ بشر بن أبي الساج الأفشيني طرسوس٣، وقام مؤنس بغزو الروم مع بشر، وأوقع بهم بأساً شديداً، وأسر ١٥٠ بطريقا- أي أميرا- عام ٣٠١ هـ، وفي عام ٣٠٢ هـ، وصلت الأخبار إلى بغداد بانتصارات مؤنس وبشر، ففرح المسلمون بذلك٤، ونال مؤنس لقب المظفر، وأمر المقتدر وزيره علي بن عيسى بالمسير إلى طرسوس، لغزو الصائفة، فسار في ألفي فارس معونة لبشر والي طرسوس، فلم يتيسر لهم غزو الصائفة فغزوا شاتية، وفي برد شديد وثلج٥.

وانشغل جند المسلمين والثغور بأمر الحسين بن حمدان عام ٣٠٣ هـ، فاغتنم الروم الفرصة، وسار الغثيط على رأس جيش كبير، وأوقع بغزاة من أهل طرسوس والغزاة، وقتلوا نحو ستمائة فارس. ولم يكن للمسلمين صائفة. وسبي من المسلمين في الثغور حوالي ٥٠ ألفاً. فعظم الأمر على المسلمين، فوجه المقتدر بمال ورجال إلى طرسوس. وارتحل الروم بعد وقعات كثيرة٦. وقام مؤنس المظفر بغزو الصائفة عام ٣٠٤ هـ من ملطية، وكتب إلى أبي القاسم علي بن أحمد بن بسطام أن يغزو من طرسوس في أهلها، ففعل. وأنكى مؤنس الروم، وفتح حصوناً كثيرة، وأثر آثاراً جميلة، وعتب عليه أهل الثغور وقالوا: "لو شاء لفعل أكثر من هذا"، ولكنه عاد إلى بغداد، فأكرمه الخليفة، وخلع عليه٧. فوصل وفد من ملك الروم عام ٣٠٥ هـ إلى بغداد، ومعهم الهدايا، فأكرم المقتدر الوفد، وأدرك مهمة الوفد التجسسية كعادة رسل الروم، فعرض الجيش الإسلامي، عرضا مهيباً رائعاً، وكان يوماً مشهوداً٨، وسير مؤنس ومعه ١٢٠ ألفاً ليحضر الفداء عام٣٠٥ هـ٩.


١ البداية والنهاية ١١/١١٢
٢ الطبري ٨/ ٢٥٤، الكامل ٦/ ١٤٠.
٣ الكامل في التاريخ ٦/١٤٣
٤ الطبري ٨/٢٥٧، الكامل٦/١٥٠، البداية والنهاية ١١/ ١٢٢.
٥ الطبري ٨/ ٢٤٨، الكامل ٦/ ١٤٨.
٦ الكامل ٦/ ١٥٢ابن عريب ص٣٩.
٧ الكامل ٦/١٥٧.
٨ ابن عريب ٤٥، الكامل ٦/١٥٨، ابن تغري ٣/١٩٢، البداية ١١/١٢٧، حول الإسلام ١/ ١٨٥
٩ الكامل ٦/ ١٥٨.

<<  <   >  >>