للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وزاد المسلمون من حدة غزواتهم بين عامي ٣٠٦ و٣١٢ هـ، من طرسوس، براً وبحراً. فغزا بشر الإِفشيني عام ٣٠٦ هـ براً، فافتتح عدة حصون، وغزا ثمال بحرا فغنم وسبى وعاد، ودخل جني الصفواني بلاد الروم، فنهب، وأحرق، وفتح وعاد، وقرئت أخبار الانتصارات على المنابر ببغداد١.

وأسهم أهل طرسوس بقيادة ثمل الخادم في انقاذ الإسكندرية من البربر عندما هاجموها، واستغاث المسلمون عام ٣٠٨ هـ٢. ودخلوا بلاد الروم من جهة ملطية عام ٣١٠ هـ فظفروا٣، وقرئت أخبارهم على منابر بغداد٤.

وهنا يجب ملاحظة أن معظم أعمال الجهاد هذه، كانت استعراضية، وهدفها الدعاية، ولم تحقق شيئاً من تثبيت الإسلام في آسيا الصغرى، أو مدّه. وكان القادة ينالون التكريم العظيم من الخليفة، ومن الأمة، فكان مؤنس الخادم مثلاً يدخل بغداد قادماً من الجهاد، دخول الفاتحين العظام. كما حدث عام ٣١١ هـ٥.

وانقلبت الأوضاع في الثغور عام ٣١٣ هـ. فقد تأكد للروم ضعف المسلمين وانشغالهم بحركة القرامطة، وقد عاد مؤنس لحربهم. فكتب ملك الروم إلى أهل السواحل والثغور يأمرهم بحمل الخراج إليه، وإلا قصدهم، فقتل الرجال، وسبى الذرية، وقال: "إنني صح عندي ضعف ولاتكم ". ولما لم يفعلوا، هاجمهم الدمستق، ودخل ملطية عام ٣١٤ هـ، ومعه مليح الأرمني صاحب الدروب، وعاثوا فساداً، في بلاد الإِسلام، وطلبت ملطية الغوث من بغداد، فلم يغاثوا٦. ولكن أهل طرسوس تحركوا للانتقام، فغزوا الصائفة، فغنموا وعادوا٧، وأخذت الأنظار تتجه إلى طرسوس لإغاثة الثغور. وعندما هاجم الروم سميساط عام ٣١٥ هـ، ودخلوها، واستباحوها، وضربوا الناقوس في الجامع، وأخذوا جميع ما فيها٨، هب أهل طرسوس للجهاد، وخرجت سرية منهم إلى بلاد الروم، ولكن الروم استظهروا عليها، وأسروا من المسلمين أربعمائة رجل قتلوهم صبراً. فغزا شمال الصائفة، وانتقم من الروم وعاد سالماً إلى طرسوس٩. كما أمر المقتدر مؤنس أن يخرج لقتال


١ نفسه ٦/١٦١
٢ سير أعلام النبلاء ١٥/٥٠.
٣ الكامل ٦/ ١٧٢.
٤ البداية والنهاية ١١/ ١٤٥.
٥ البداية والنهاية ١١/ ١٤٥.
٦ ابن تغري ٣/٢١٥، دول الإسلام ١/١٩٠، دحلان ١/٣٣٠، البداية والنهاية ١١/٥٣١، العبر ١/٤٦٨.
٧ الكامل ٦/ ١٨٥، البداية ١١/١٥٣.
٨ البداية ١١/ ١٥٥، العبر ١/ ٤٦٩، دول الإسلام ١/ ١٩٠.
٩ الكامل ٦/ ١٨٩.

<<  <   >  >>