للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحاول سيف الدولة استعادة هيبته فَكَرَّ على الروم عام ٣٤٢ هـ١ وعام ٣٤٣ هـ، وحقق بعض الانتصارات، وقتل خلقا من أصحاب الدمستق، وأسر قسطنطين بن الدمستق ملك الروم، وآخرين من رؤساء البطارقة٢.

وفي عام ٣٤٥ هـ، هاجم الروم ميافارقين، وركبوا في البحر إلى طرسوس، فقتلوا من أهلها ١٨٠٠، وحرقوا قرى كثيرة حولها، وسبوا كثيرًا، في الوقت الذي كان رئيس طرسوس فيه في زيارة لسيف الدولة وهو في طريقه إلى حلب٣.

وساءت الأحوال الداخلية في العالم الإسلامي، وامتلأ رفضاً، وسباً للصحابة، من بني بويه، وبني حمدان، والفاطميين، والقرامطة، فاشتد ساعد الروم، فأغاروا عام ٣٤٧ هـ على الثغور الإسلامية، ووصلوا حلب. وهزموا سيف الدولة هزائم متلاحقة٤. وغزوا طرسوس والرها عام ٣٤٨ هـ، وسبوا، وأخذوا الأموال٥، فاشتد ضغط المسلمين على ولاتهم، ودعوهم للجهاد، وعمل الخطيب عبد الرحيم بن نباتة خطبه الجهاديات، يحرّض الإسلام على الغزاة٦، وكان خطيباً لسيف الدولة٧. وقام العالم عبد الرحمن بن محمد اللخمي العسقلاني بحثّ سيف الدولة على الجهاد٨. وتحركت العامة في بغداد، وجمعوا الأموال للجهاد، فأخذها معز الدولة البويهي، وأنفقها على لهوه، ولما غضبت العامة عليه، قام بتسكينها، بأن أرسل جيشاً ادّعى أنه تمكن من إحراز بعض الانتصارات. وتحرك سيف الدولة عام ٣٤٩ هـ، ومعه أهل طرسوس، فغزوا الروم من ناحية طرسوس٩، واحرزوا انتصارات، وانتهوا إلى خرشنة. ولما أرادوا العودة، نصح أهل طرسوس سيف الدولة بالعودة معهم، لأنه بلغهم أن الروم ملكوا الدرب خلفه، فرفض وكان معجباً بنفسه، وبرأيه، فرفض النصيحة فأتى عليه الروم قتلاً، وأسراً، وتخلص هو في ثلاثمائة رجل من رجاله وغلمانه، بعد جهد ومشقة١٠. وسلم أهل طرسوس وقتل من وجوه قادته حامد بن النمس، وموسى بن سياكان، والقاضي أبو حصين- قاضي طرسوس-.


١ البداية ١١/٢٢٧
٢ الكامل ٦/ ٣٤٦، ابن تغري ٣/ ٣١١، البداية ١١/ ٢٢٧، ٢٢٨.
٣ الكامل ٦/ ٣٥٠، دول الإسلام ١/٢١٣، العبر ٢/ ٦٩، البداية ١١/ ٢٣٠.
٤ ابن تغري ٣/ ٣١٩، العبر ٢/ ٧٥.
٥ ابن تغري ٣/٣٢٢، دول الإسلام ١/ ٢١٥، البداية ١١/ ٢٣٤.
٦ ١لعبر ٢/٧٨.
٧ العبر ٢/١٤٣، البداية ١١/٣٠٣.
٨ الموجز في تاريخ الدول العربية وعهودها في بلادنا فلسطين ص ٢٩٨.
٩ ابن تغري ٣/ ٣٢٤.
١٠ الكامل ٦/ ٣٥٨.

<<  <   >  >>