للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما المبتدع: وهو الفاسق الذي يكون فسقه بسبب الاعتقاد، وهو متأول للنصوص كالجبرية والقدرية ويقال له: المبتدع بدعة واضحة، فمن الأصوليّين من ردّ شهادته وروايته كالإمام الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ ومنهم من قبلهما، وفرّق الحنفيّة فقالوا: تقبل منه الشهادة، ولا تقبل منه الرواية، لأنّ من ابتدع بدعة بسبب الدين فلا يبعد أن ينتصر لهواه ويدعو الناس إلى ذلك فنردّ روايته دون شهادته، لأنّ الدعوة إلى مذهبه داعية إلى النقل فلا يؤتمن على الرواية. وهذا مذهب جمهور أئمة الفقه والحديث.

الحكم الرابع: هل تصحّ ولاية الفاسق؟

قال ابن العربي رَحِمَهُ اللَّهُ: «ومن العجب أن يجوّز الشافعيّ ونظراؤه إمامة الفاسق، ومن لا يؤتمن على حبة مال كيف يصح أن يؤتمن على قنطار دَيْن؟! وهذا إنما كان أصله أن الولاة الذين كانوا يصلّون بالناس، لمّا فسدت أديانهم ولم يمكن ترك الصلاة وراءهم، ولا استطيعت إزالتهم صُلّي معهم ووراءهم، كما قال عثمان: الصلاة أحسن ما يفعل الناس، فإذا أحسنوا فأحسنْ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.

ثمّ كان من الناس من إذا صلى معهم تقيّة أعادوا الصلاة لله، ومنهم من كان يجعلها صلاته، وبوجوب الإعادة أقول، فلا ينبغي لأحدٍ أن يترك الصلاة مع من لا يرضى من الأئمة، ولكنْ يعيدُ سرّاً في نفسه، ولا يؤثر ذلك عند غيره.

وأمّا أحكامه إن كان والياً فينفذ منها ما وافق الحقّ، ويردّ ما خالفه، ولا ينقض حكمه الذي أمضاه بحال، ولا تلتفتوا إلى غير هذا القول من رواية تُؤْثر، أو قول يُحْكى، فإنّ الكلام كثير، والحقّ ظاهر «.

<<  <  ج: ص:  >  >>