قال الزجاج:«الحدودُ ما منع الله تعالى من مخالفتها، فلا يجوز مجازوتها» .
المعنى الإجمالي
يخبر المولى جلّ وعلا أنه قد فرض الصيام على عباده المؤمنين، كما فرضه على من سبقهم من أهل الملل، وقد علّل فرضيته ببيان فائدته الكبرى، وحكمته العليا، وهي أن يُعدّ نفس الصائم لتقوى الله بترك الشهوات المباحة امتثالاً لأمره تعالى، واحتساباً للأجر عنده، ليكون المؤمن من المتقين لله المجتنبين لمحارمه.
وهذا الصيام الذي فرضه الله على عباده، إنما هو أيام معينات بالعدد، وهي أيام رمضان، ولم يفرض الله عليكم الدهر كله، تخفيفاً ورحمة بهم، ومع هذه الرحمة في الصيام فقد شرع للمريض الذي يضره الصوم، والمسافر الذي يشق عليه أن يفطرا ويقضيا أياماً بقدر الأيام التي أفطرا فيها وذلك من التيسير على العباد والرحمة بهم، ثم أخبر تعالى أن هذا الشهر الذي فرض عليهم صيامه هو شهر رمضان، شهر ابتداء نزول القرآن، الكتاب العظيم الذي أكرم الله به الأمة المحمدية، فجعله دستوراً لهم، ونظاماً يتمسكون به في حياتهم، فيه النور، والهدى، والضياء، وهو سبيل السعادة لمن أراد أن يسلك طريقها، وقد أكدّ الباري صيام هذا الشهر، لأنه شهر تنزّل الرحمة الإلهية على العباد، وأنه تعالى لا يريد بعباده إلا اليُسر والسهولة، ولذلك فقد أباح للمريض والمسافر الإفطار في أيام رمضان.
ثم بيّن تعالى أنه قريب، يجيب دعوة الداعين ويقضي حوائج السائلين،