وليس بينه وبين أحدٍ من العباد حجاب، فعليهم أن يتوجهوا إليه وحده بالدعاء والتضرع، حنفاء مخلصين له الدين.
وقد يسّر تعالى على عباده وأباح لهم التمتع بالنساء في ليالي رمضان، كما أباح لهم الطعام والشراب، وقد كان ذلك من قبل محرماً عليهم، ولكنّه تعالى أباح لهم الطعام والشراب، والشهوات الجنسية من الاستمتاع بالنساء، ليظهر فضله عليهم، ورحمته بهم، وقد شبّه المرأة باللباس الذي يستر البدن، فهي ستر للرجل وسكن له، وهو ستر لها، قال ابن عباس معناه «هنّ سكنٌ لكم وأنتم سكن لهنّ» وأباح معاشرتهن إلى طلوع الفجر، ثم استثنى من عموم إباحة المباشرة، مباشرتهن وقت الاعتكاف لأنه وقت تبتل وانقطاع للعبادة، ثمّ ختم تعالى هذه الآيات الكريمة بالتحذير من مخالفة أوامره، وارتكاب المحرمات والمعاصي، التي هي حدود الله، وقد بيّنها لعباده حتى يجتنبوها، ويلتزموا بالتمسك بشريعة الله ليكونوا من المتقين.
سبب النزول
١ - روى ابن جرير عن معاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال:«إنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قدم المدينة فصام يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر» ، ثم إن الله عَزَّ وَجَلَّ فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره {ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام} حتى بلغ {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً، ثم إن الله عَزَّ وَجَلَّ أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... } .
٢ - وروُي عن سلمة بن الأكوع أنه قال «لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان من شاء منا صام، ومن شاء أن يفطلر ويفتدي فعل ذلك، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} .