للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الزجاج: والعرب تقول: ظلمني فلان فظلمته أي جازيته بظلمه.

وجهل فلان عليّ فجهلت عليه. وعليه قول الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

اللطيفة الرابعة: قوله تعالى: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ. .} الآية.

الدفاع عن النفس مشروع ولا يعدّ اعتداءً، وإنما سمي في الآية اعتداءً (فاعتدوا عليه) من باب (المشاكلة) وهي الاتفاق في اللفظ مع الاختلاف في المعنى كقول القائل:

قالوا اقترح شيئاً نُجِدْ لك طبخه ... قلت اطبخوا لي جبة وقميصاً

والأصل فيها (فمن اعتدى عليكم) فقابلوه وجازوه بمثل ما اعتدى عليكم، وباب المشاكلة وردت فيه آيات عديدة كقوله تعالى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله} [آل عمران: ٥٤] وقوله: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] وقوله: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ الله مِنْهُمْ} [التوبة: ٧٩] .

اللطيفة الخامسة: قال بعض العلماء: (لا أعلم مصدراً جاء في لغة العرب على وزن (تفعُلة) بضم العين إلا في هذه الآية {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} ، وقال صاحب «الكشاف» : ويجوز أن يقال: أصله التهلِكة، كالتجربة، والتبصرة على أنها مصدر من هلك فأبدلت من الكسرة ضمة كما جاء الجوار في الجوار.

قال الإمام الفخر: «إني لأتعجب كثيراً من تكلفات هؤلاء النحويين في أمثال هذه المواضع، وذلك أنهم لو وجدوا شعراً مجهولاً يشهد لما أرادوه فرحوا به، واتخذوه حجة قوية، فورود هذا اللفظ في كلام الله تعالى، المشهود له من الموافق والمخالف بالفصاحة أولى بأن يدل على صحة هذه اللفظة واستقامتها» .

أقول: ما ذكره الإمام الفخر هو الحق والصواب، فالقرآن الكريم حجة

<<  <  ج: ص:  >  >>