حتى مات فذكروا فراره لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه وسمع الرسول بعض الصحابة يتكلم عنه ويقول: لقد رجم رجم الكلاب فغضب وقال «لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم» وفي رواية أخرى: «والذي نفسي بيده أنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها» .
٢ - قصة الغامدية:
وروى مسلم في «صحيحه» أن امرأة تسمى (الغامدية) جاءت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالت يا رسول الله (إني زنيت فطهرني) فردها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلما كان من الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك تردني كما رددت ماعزاً؟ فوالله إني حبلى، فقال: أما الآن فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت هذا قد ولدته، قال: فاذهبي فارضعيه حتى تفطيمه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبيّ إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فنضح الدم على وجه (خالد بن الوليد) فسبها، فسمعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال:«مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغُفِر له، ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت» .
أقول: إن مثل هذه الحوادث قد وقعت في (عصر النبوة) أفضل العصور وحصلت مع بعض الأفاضل من أصحاب الرسول، وذلك لحكمة سامية حتى يكتمل التشريع ويتم الدين بتنفيذ الحدود من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في عصره وزمانه وليظل تشريعاً عاماً خالداً مدى الأزمان وعبر الأجيال، فلو لم تحصل أمثال هذه الحوادث لأصبحت هذه (الحدود الشرعية) التي فرضها الله وأوجبها على عبادة أخباراً تروى، وحكايات تذكر، ولما أمكن أن تنفذ في عصر من العصور بعد، وقد أراد الله عَزَّ وَجَلَّ أن تبقى شريعة خاتم المرسلين شريعة كاملة خالدة مطبقة في جميع العصور، وقانوناً نافذاً على جميع الأمم،