يخبر الله جل ثناؤه بأن الذين ينتهكون حرمات المؤمنين، فيرمون العفائف الشريفات الطاهرات بالفاحشة، ويتهمونهن بأقدس وأثمن شيء لدى الإنسان ألا وهو (العرض والشرف) فينسُبونهن إلى الزنى، ثم لم يأتوا على دعواهم بأربعة شهداء عدول، يشهدون عليهن بما نسبوا إليهن من الفاحشة فاجلدوا الذين رموهن بذلك (ثمانين) جلدة، لأنهم فسقة كذبة يتهمون الأبرياء ويحبون إشاعة الفاحشة، وزيدوا لهم في العقوبة بإهدار كرامتهم الإنسانية، فلا تقبلوا شهادة أي واحد منهم ما دام مصراً على بهتانه وأولئك عند الله من أسوأ الناس منزلة وأشدهم عذاباً، لأنهم فساق خارجون عن طاعة الله عزّ وجلّ، لا يحفظون كرامة مؤمن، ويقعون في أعراض الناس شأن أهل الضلال والنفاق، الذين يسعون لتهديم المجتمع الإسلامي وتقويض بينانه، وأما إذا تابوا وأنابوا وغيّروا سيرتهم وأصلحوا أحوالهم، ورجعوا عن سلوك طريق الغي والضلال فاعفوا عنهم واصفحوا، واقبلوا اعتذارهم، وردوا إليهم اعتبارهم، فإن الله غفور رحيم يقبل توبة عبده إذا تاب وأناب وأصلح حاله.
سبب النزول
يرى بعض المفسرين أن هذه الآيات نزلت بسبب (حادثة الإفك) التي اتهمت فيها أم المؤمنين العفيفة البريئة الطاهرة الصدِّيقة (عائشة بنت أبي بكر الصديق) رَضِيَ اللَّهُ عَنْها زوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والتي نزلت براءتها من السماء فكان ذلك درساً بليغاً للأمة، وعبرة للأجيال في جميع العصور والأزمان.
قال ابن جرير الطبري رَحِمَهُ اللَّهُ: وذُكِر أن هذه الآية نزلت في الذين رموا عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما رموها به من الإفك: ثم روى عن