للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكافأ الناس، وإنما لم يتكافئوا في الدنيا لئلا تدخل الداخلة على المالكين، وتفسد العلاقة بين السادة والعبيد، فلا تصل لهم حرمة، ولا فضلٌ في منزلة وتبطل فائدة التسخير، حكمة من الحكيم العليم لا إله إلا هو) .

وأما ابن حزم فقد خالف جمهور الفقهاء، فرأى أن قذف العبد يوجب الحد، وأنه لا فرق بين الحر والعبد في هذه الناحية وقال: «وأما قولهم لا حرمة للعبد، ولا للأَمَةِ، فكلام سخيف، والمؤمن له حرمة عظيمة، وربَّ عبد جلفٍ خيرٌ من خليفة قرشي عند الله تعالى» أقول: رأيُ ابن حزم هذا رأي وجيه لو لم يصادم النص المتقدم الذي استدل به الجمهور والأحكامُ لا تؤخذ بالآراء، وإنما بما ثبت عن المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قوله وفعله.

. . والحديث ثابت في الصحيحين «فلا عبرة بخلافه.

خامساً: وأما العفة: فهي شرط عند جميع الفقهاء لم يخالف في ذلك أحد وإنما اعتبرناها للنص القرآني الكريم (يرمون المحصنات) فشرطت الآية أن يكون المقذوف (محصناً) أي عفيفاً، إذ غير العفيف قد يتباهى بالفسق والفجور، ويعتبر ذلك (تقدمية) والتمسك بالفضيلة والدين (رجعية) كما نسمع في زماننا هذا عن بعض الفاسقين الخارجين على الدين والأخلاق والآداب. ولأن الحد مشروع لتكذيب القاذف فإذا كان المقذوف زانياً فعلاً فالقاذف صادق في قذفه، وإذا كان المقذوف مشهوراً بالمجون والدعارة فقد أوجد شبهة لقاذفه (والحدودُ تدرأ بالشبهات) فلا يحد القاذف. ولو زنى شاب في عنفوان شبابه، ثم تاب وحسن حاله ثم شاخ في الصلاح لا يحد قاذفه، لأن القاذف لم يكذب، وإنما يعزّر لأنه أشاع ما يجب ستره وإخفاؤه فكذلك لو قذف شخصاً مشهوراً بالفسق والفجور. ولكن ليس معنى عدم إقامة الحد في هذه الصور الخمس أن قاذف (المجنون أو الصبي أو الكافر أو العبد أو غير

<<  <  ج: ص:  >  >>