للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القرطبي: والدليل لما قاله (مالك) هو أن موضوع الحد في القذف إنما هو لإزالة المعرّة التي أوقعها القاذف بالمقذوف فإذا حصلت المعرة بالتعريض وجب أن يكون قذفاً وقد قال تعالى حكاية عن مريم {ياأخت هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امرأ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم: ٢٨] فمدحوا أباها ونفوا عن أمها البغاء. وعرّضوا لمريم بذلك ولذلك قال تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ على مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً} [النساء: ١٥٦] وكفرُهم معروف، والبهتانُ العظيم هو التعريض لها أي ما كان أبوك امرأ سوء، وما كانت أمك بغيا، أي وأنت بخلافهما وقد أتيت بهذا الولد.

دليل الشافعية والأحناف:

استدل الشافعي وأبو حنيفة بأن التعريض بالقذف محتمل للقذف ولغيره، والاحتمال شبهة والحدود تدرأ بالشبهات كما ورد في الحديث: (ادرءوا الحدود بالشبهات) .

وقالوا: إن الله عَزَّ وَجَلَّ قد فرّق بين (التصريح) و (التعريض) في عدة المتوفى عنها زوجها، فحرم التصريح بالخطبة، وأباح التعريض بقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النسآء} [البقرة: ٢٣٥] الآية.

فدل على أنهما ليسا في الحكم سواء ... وروي عن الإمام أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ روايتان: إحادهما أن التعريض ليس بقذف ولا حد فيه. والثانية: أنه قذف في حال الغضب دون حال الرضا.

ومما يدل على ما ذهب إليه (الشافعية والأحناف) ما روي عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أن رجلاً قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>