ولو أصبح أصلح الصالحين، وهذا المذهب مروي عن (الحسن البصري والنخعي وسعيد بن جبير) وغيرهم من فقهاء التابعين.
ب - مذهب الجمهور (مالك والشافعي وأحمد) أن الاستثناء راجع إلى الجملتين الأخيرتين {وَلَا تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وأولئك هُمُ الفاسقون} فإذا تاب قبلت شهادته ورفع عنه وصف الفسق وهذا المذهب مروي عن (عطاء وطاووس ومجاهد والشعبي وعكرمة) وغيرهم من علماء التابعين وهو الذي اختاره ابن جرير الطبري رحمهم الله أجمعين.
وهذا الاختلاف بين الفقهاء مردّه إلى قاعدة أصولية: وهي: (هل الاستثناء الوارد بعد الجمل المتعاطفة بالواو يرجع إلى الكل أو إلى الأخير) ؟ فالشافعية والمالكية يرجعونه إلى الجميع، والأحناف يرجعونه إلى الأخير فقط والمسألة تطلب من كتب الأصول وليس هذا محل تفصيلها.
أدلة الأحناف:
استدل الأحناف على عدم قبول شهادة القاذف مطلقاً بما يلي:
أولاً: إن الاستثناء لو رجع إلى جميع الجمل المتقدمة لوجب أن يسقط عنه (الحد) وهو الجلد (ثمانين جلدة) ، وهذا باطل بالإجماع، فتعَيّن أن يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط.
ثانياً: إن الله تعالى قد حكم بعدم قبول شهادته على التأبيد {وَلَا تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} فلفظ (الأبد) يدل على الدوام والاستمرار حتى ولو تاب وأناب وأصبح من الصالحين، وقبول شهادته يناقض هذه الأبدية التي حكم بها القرآن.
ثالثاً: ما ورد عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «المسلمون عدول بعضهم على بعض إلاّ محدوداً في قذف» فإنه يدلّ على أن القاذف لا تقبل شهادته إذا حُدّ في القذف.