بدليل آية النساء التي قيدت ذلك بعدم الاستطاعة في قوله تعالى:{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات}[النساء: ٢٥] الآية فهذه الآية خاصة، والخاص مقدم على العام، فلا يجوز لمن وجدَ طول الحرة أن يتزوج أمة.
والأدلةُ بالتفصيل يُرْجَع إليها في سورة النساء وليس هذا محل ذكرها فافهم ذاك رعاك الله.
الحكم السادس: هل للسيد إجبار عبده أو أمته على الزواج؟
استدل العلماء بقوله تعالى:{والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} على أن للسيد أن يزوج عبده وأمته بدون رضاهما لأن الآية جعلت للسيد حق تزويج كل منهما ولم تشترط رضاهما، وكذلك أخذوا من الآية أنه لا يجوز للعبد ولا للأمة أن يتزوجا بغير إذن السيد. والعلّةُ في ذلك أنه لو جاز لهما الزواج بغير إذنه لفوّتا عليه استعمال حقه، ويؤيد ذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أيما عبدٍ تزوّج بغير إذن مواليه فهو عاهر» .
قال العلامة القرطبي:(أكثر العلماء على أن للسيد أن يكره عبده وأمته على النكاح وهو قول (مالك وأبي حنيفة) وغيرهما وروي نحوه عن الشافعي: أنه ليس للسيد أن يكره العبد على النكاح، وقال النخعي كانوا يكرهون المماليك على النكاح ويغلقون عليهم الأبواب.
تمسك أصحاب الشافعي فقالوا: العبد مكلف فلا يجبر على النكاح لأن التكليف يدل على أن العبد كامل من جهة الآدمية وإنما تتعلق به المملوكية من جهة الرقبة والمنفعة ولعلمائنا: أنَّ مالكية العبد استغرقتها مالكية السيد ولذلك لا يتزوج إلا بإذنه بإجماع والنكاح إنما هو من المصالح، ومصلحةُ العبد موكولة إلى السيد) .