استدل بعض العلماء بالآية الكريمة {إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ الله مِن فَضْلِهِ} على أن النكاح لا يفسخ بالعجز عن النفقة، لأنه تعالى لم يجعل الفقر مانعاً من الإنكاح، بل حث على تزويج الفقراء، ووعدهم بالغنى، فإذا كان الفقر ليس مانعاً من ابتداء النكاح، فإنه لا يكون مانعاً من استدامته من باب أولى.
قال النقاش: هذه الآية حجة على من قال: إن القاضي يفرق بين الزوجين إذا كان الزوج فقيراً لا يقدر على النفقة لأن الله تعالى قال: {يُغْنِهِمُ الله} ولم يقل يفرق.
قال القرطبي: وهذا انتزاع ضعيف وليست هذه الآية حكماً فيمن عجز عن النفقة، وإنما هو وعد بالإغناء لمن تزوج فقيراً، فأما من تزوج موسراً وأعسر بالنفقة فإنه يفرق بينهما قال الله تعالى:{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ الله كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ}
[النساء: ١٣٠] ونفحات الله مأمولة في كل حال. . وهذه الآية دليل على تزويج الفقير، ولا يقول: كيف أتزوج وليس لي مال؟ فإن رزقه على الله وقد زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد وليس لها بعد ذلك فسخ النكاح بالإعسار لأنها دخلت عليه، وإنما يكون ذلك إذا دخلت على اليسار فخرج معسراً، أو طرأ الإعسار بعدذلك لأن الجوع لا صبر عليه.
أقول: إن غاية ما تفيده الآية الكريمة أنه يندب لأهل الزوجة ألا يردّوا خاطباً فإذا خطب ابنتهم شاب صالح، حسن السيرة والأخلاق فعليهم ألا يرفضوه لمجرد فقره، فإن المال غاد ورائح، وفي فضل الله ما يغني الجميع. وعلى الشاب نفسه ألا يرجئ أمر زواجه انتظاراً للمزيد من الغنى واليسر