الحكم الثاني: هل الجلوس بعد تناول طعام الوليمة حرام؟
دلّ قوله تعالى:{فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا} على ضرورة الخروج بعد تناول الطعام، وهذا من الآداب الإسلامية التي أدّب الله بها المؤمنين، فالمكث والجلوس بعد تناول الطعام ليس بحرام، ولكنّه مخالف لآداب الإسلام، لما فيه من الإثقال على أهل المنزل سيما إذا كانت الدار ليس فيها سوى بيت واحد، اللهمَّ إلا إذا كان الجلوس بإذن صاحب الدار أو أمره، أو كان جلوساً يسيراً تعارفه الناس، لا يصل إلى حدّ الإثقال المذموم.
ومع ذلك فالأفضل الخروج، ولهذا جاء التعبير بالفاء التي تفيد الترتيب والتعقيب {فانتشروا} .
فالمكث بعد الطعام غير مرغوب فيه على الإطلاق ولم يبق إلا أن يفرغ أهل البيت لبعض شأنهم، والبقاء بعد ذلك نوع من الإثقال غير محمود، يتنافى مع الأدب الرفيع، والذوق السليم.
الحكم الثالث: هل الأمر بالحجاب خاص بأزواج النبي أم هو عام؟
الآيات الكريمة وردت في شأن بيوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خاصة، تعظيماً لرسول الله، وتكريماً لشأنه، ولكنّ الأحكام التي فيها عامّة تعمُّ جميع المؤمنين، لأنها آداب اجتماعية، وإرشادات إلهية، يستوي فيها جميع الناس، فالأمر بعدم الاختلاط بالنساء، وبسؤالهن من وراء حجاب، ليس قاصراً على أزواج الرسول، ولكنه عام يشمل جميع نساء المؤمنين، فإذا كان نساء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يجوز الاختلاط بهن، ولا النظر إليهن، مع أنهن (أمهات المؤمنين) يحرم الزواج بهن، ولا يجوزسؤالهن إلا من وراء حجاب، فلا شكَّ أن الاختلاط بغيرهن من النساء، أو التحدث إليهن بدون حجاب، يكون حراماً من باب أولى، لأن الفتنة بالنساء متحققة.
ثمّ إنّ أمر الحجاب ليس خاصاً بأزواج الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، بل هو عام لجميع نساء المؤمنين، بدليل قوله تعالى في آخر السورة {ياأيها النبي قُل