يخبر المولى جلّ وعلا بما ناله الرسول الكريم، من جاهٍ عظيم، ومنزلة سامية، ومكانة رفيعة عند الله اتعالى، وما له من السيادة والمقام المحمود في الملأ الأعلى، وما خصّه الله تعالى به من الثناء العاطر، والذكر الحسن، فيقول الله تعالى ما معناه:
«إن الله تعالى يرحم نبيه، ويعظم شأنه، ويرفع مقامه، وملائكته البرار، وجنده الأطهار، يدعون للنبي عليه السلام ويستغفرون له، ويطلبون من الله أن يبارك ويمجّد عبده ونبيّه محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويُنيله أعلى المراتب، ويُظْهر دينه على جميع الأديان، ويُجْزل له الأجر والثواب، على ما قدّم لأمته من خير عميم، وفضل جسيم ... في أيها المؤمنون: صلّوا أنتم عليه، وعظّموا أمره، واتبعوا شرعه، وأكثروا من الصلاة عليه والتسليم، فحقه عليكم عظيم، ومهما فعلتم فلن تؤدوه حقه، فقد كان المنقذ لكم من الضلالة إلى الهدى، وبه أخرجكم الله من الظلمات إلى النور {هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}[الحديد: ٩] فقولوا كلما ذكر اسمه الشريف: اللهم صل على محمد وسلّم تسليماً كثيراً، وادعوا الله أن يجزيه عنكم خير الجزاء.
ثمّ أخبر تعالى أن الذين يؤذون الله ورسوله قد استحقوا غضب الله ولعنته عليهم في دنياهم وآخرتهم، وأنّ الله أعدّ لهم عذاباً شديداً لا يُدْرك كنهه ولا يُعْرف هوله، وكذلك الذين آذوا المؤمنين والمؤمنات، فنسبوا إليهم ما لم يفعلوه، واتهموهم بالكذب، والزور، والبهتان، وتقوّلوا على ألسنتهم، ما لم يقولوه، هؤلاء الذين فعلوا ذلك لهم أيضاً عذاب أليم في الدنيا والآخرة جزاء ما اقترفوا من سيِّئ الأعمال.