قال ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ:«ذهب الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في التشهد الأخير، فإن تركه لم تصحّ صلاته، وهو ظاهر الآية، ومفسّر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة، وهو مذهب الإمام أحمد، وإليه ذهب ابن مسعود وجابر بن عبد الله» .
أدلة المالكية والأحناف:
واستدل المالكية والأحناف على مذهبهم ببضعة أدلة نوجزها فيما يلي:
أ - قوله تعالى:{ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ} قالوا: قد تضمنت هذه الآية الأمر بالصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وظاهره يقتضي الوجوب، فمتى فعلها الإنسان مرة واحدة في صلاة أو غير صلاة فقد أدّى فرضه، وهو مثل كلمة التوحيد والتصديق بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ متى فعله الإنسان مرة واحدة في عمره فقد أدى فرضه، والأمر يقتضي الوجوب لا التكرار.
ب - حديث ابن مسعود حين علّمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ التشهد فقال:«إذا فعلتَ هذا، أو قلتَ هذا، فقد تمت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، ثم اختر من أطيب الكلام ما شئت» ولم يأمره بالصلاة على النبي عليه السلام.
ج - حديث معاوية السلمي وفيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:«إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن» ولم يذكر الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
د - ما روي عن كثير من الصحابة أنهم كانوا يكتفون بالتشهد في الصلاة وهو (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) ولا يوجبون الصلوات الإبراهيمية.