قال أبو بكر الرازي:«وزعم الشافعي أن الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فرض في الصلاة، وهذا قول لم يسبقه إليه أحد من أهل العلم - فبما نعلمه - وهو خلاف الآثار الواردة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لفرضها في الصلاة ... » .
ثم ساق بعض الأدلة في تفسيره «أحكام القرآن» - وقد ذكرنا بعضها - ثم قال: وقد استقصينا الكلام في هذه المسألة في «شرح مختصر الطحاوي» .
الحكم الخامس: هل تجوز الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟
يرى بعض العلماء أن الصلاة تجوز على غير الأنبياء، لأن الصلاة معناها الدعاء، والدعاء يجوز للأنبياء ولغير الأنبياء، واستدلوا بما ورد عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قوله:«اللهم صلِّ على آل أبي أوفى» .
وذهب الأكثرون إلى أن الصلاة (شعار) وهي خاصة بالأنبياء، فلا تجوز لغيرهم فلا يصح أن تقول: اللهم صلّ على الشافعي مثلاً أو على أبي حنيفة، وإنما تترحم عليهما، ويجوز الترضي عن الصحابة والتابعين ولا تجوز الصلاة عليهم لأنها شعار الأنبياء والمرسلين.
قال العلامة أبو السعود:«وأمّا الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فتجوز تبعاً، وتكره استقلالاً، لأنه في العرف شعار ذكر الرسل، ولذلك لا يجوز أن يقال:» محمدٌ عزَّ وجل «مع كونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عزيزاً جليلاً» .
والمراد بقوله تبعاً أن تقول مثلاً: اللهم صلّ على محمد وآله وذريته وأتباعه المؤمنين، فلا يصح أن تقول: اللهم صل على ذرية محمد، ولا اللهم صلّ على أزواج محمد، وإنما إذا صليت على الرسول يجوز لك أن تضيف تبعاً من شئت من عباد الله الصالحين، والله أعلم.