للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قراءة لتلك المعامدة (باهتمام عظيم) حسبما جاء في المحضر. وفي شكرها لرئيس الوزراء على إرسال النسخة لاحظت وتأسفت له على أن المعاهدة لا تحمل دلالات واضحة عن خضوع الأمير عبد القادر لفرنسا واعترافه الرسمي الصريح بسيادتها في الجزائر. وقالت اللجنة أنها لا ترى في المعاهدة التزام الأمير بدفع جزية سنوية إلى فرنسا، لأن الجزية، بناء على رأى اللجنة، هي علامة الخضوع عند العرب. وما دام العرب لم يلتزموا بذلك فان اللجنة تخشى أن تكون هذه المعامدة مجرد خطوة أولى سيتبعها الأمير بخطوات أخرى يطلب فيها تنازلات أكثر إيجابية من فرنسا (١).

أما بخصوص أملاك مكة والمدينة، التي هي مؤسسات دينية خيرية تحت إشراف وكلاء، فان اللجنة قد درستها أيضا ووافقت على بعض الاقتراحات حولها. وقد قدرت أنه من بين ٥٠٠٠ دار في مدينة الجزائر كان هناك ٢،٦٠١ ترجع إلى أملاك مكة والمدينة. وكان منها في مدينة وهران ١٤٩ دارا. وفي مدينة عنابة ٩١ دارا. وما دامت اللجنة حريصة على الموارد الاقتصادية التي تجلب دخلا وافرا للخزينة الفرنسية فقد قدرت أن تدر أملاك مكة والمدينة دخلا قدره ٤٠٠،٠٠٠ فرنك سنويا إذا وضعت تحت إدارة حكيمة. ومن المعلوم أن السلطات الفرنسية قد وضعت يدها على هذه الأملاك منذ الأسابيع الأولى للاحتلال رغم مخالفة ذلك للاتفاق المشترك ورغم استنكار الجزائريين (٢). وقد اقترحت اللجنة إبقاء نظام (بيت المال) على الأقل في الوقت الحاضر، وأوصت أن يعين الحاكم العام المسئول عن هذا النظام الذي يكون بدوره مسئولا عن كل مصاريف ومستندات (بيت المال) ولكن الإدارة الفرنسية في الجزائر هي التي تقرر كيفية وعلاقة أموال نظام (بيت المال) بالخزينة العامة.


(١) اللجنة الأفريقية، ١٢، ص ٣٥١. درسنا هذه النقطة بتفصيل في كتابنا (حياة الأميرعبد القادر)، ط، تونس، سنة ١٩٧٤.
(٢) راجع حول أملاك مكة والمدينة كتاب (المرآة) لحمدان خوجة ص ٢٤٦ وما يليها.

<<  <   >  >>