يتهم المؤرخون الفرنسيون حضر الجزائر بأنهم كانوا يحلمون بعودة الحكم الإسلامي، إلى الجزائر خلال السنوات الأولى للاحتلال. وكان أعيان هؤلاء الحضر يعملون لصالح هذه الفكرة سواء لدى السلطات الفرنسية أو في اتصالاتهم مع الباشا حسين المخلوع في المنفى، أو مع الحاج أحمد، باي قسنطينة، آخر سلطة قوية من العهد العثماني. ويذكر هؤلاء المؤرخون أن أعيان الحضر كانوا يعتقدون أن اتصالات شبه رسمية، بوحي من سلطات سامية، قد تمت لتحقيق عودة الحكم الإسلامي، وأن هذه الاتصالات قد جعلتهم يعتقدون أن الفكرة ممكنة وأن فرنسا نفسها قد تعبت من تكاليف الاحتلال وأنها ستتخلى عن الجزائر لصالحهم (١).
حضر الجزائر كانوا طبقة غنية منحدرة من أهل البلاد ومن مهاجري الأندلس. وكانوا سياسيا في المرتبة الثالثة بعد الأتراك والكراغلة. وكانوا يملكون الأراضي في سهل متيجة وبعض الأملاك في مدينة الجزائر نفسها ويمتهنون التجارة. وكانوا غالبا راضين بوضعهم ولا يطمحوان إلى مناصب سياسية. ولكن منهم من تقلد مناصب القضاء والإفتاء والكتابة ونحوها من المقاليد الثانوية الهامة. كان بعضم محل ثقة الباشا كحمدان بن عثمان خوجة.
وعندما بدأ الفرنسيون في شرح الوضع الاجتماعي في الجزائر، صنفوا طبقة
(١) أنظر بيابسي دي رينو de Reynaud (أخبار الجزائر) (باريس ص ١٨٥٤) ط ٢، ج ١ ص ١٧٢.