للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل العاشر

الحياة الثقافية

عرف العهد العثماني في الجزائر بالركود الثقافي شأنه في بقية البلاد العربية، فلم تكن هناك حركات تجديد فكرية ولا انتفاضات علمية ذاتية أو متأثرة بالبلاد الأوربية. ورغم أن العربية ظلت لغة التعليم ولغة الشعب فإن الدولة قد اتخذت التركية لغة رسمية. ومن جهة أخرى سيطرت اللغة الخليط (لغة فرانكا) على التبادل التجاري. فكان إنتاج اللغة العربية يكاد ينحصر في الموضوعات الدينية والتعليمية وقليل من الشعر. وقد ترك العهد التركي بعض الشعراء وكتاب التاريخ والرحالة وحتى بعض المتطببين، ولكن مكانتهم ما زالت في حاجة إلى تقييم ودراسة في ضوء الوثائق التي يعثر عليها الباحثون من وقت لآخر (١).

وفي الوقت الذي كان يمكن فيه للثقافة العربية أن تتحرر وتنتج نتيجة اتصالها بأوربا في فاتح القرن الماضي واجه الجزائريون الاحتلال الفرنسي الذي نزل عليهم كما يقول حمدان خوجة كحمل من رصاص. فنزح الأدباء والعلماء إلى المشرق وبعثرت الأسر والمكتبات. وحوربت لغة التعليم وأغلقت المدارس العربية. وهكذا شهدت الجزائر نكسة عميقة أدت إلى تأخر الدراسات العربية فيها.

وتشهد كتب الرحالة الأجانب الذين زارو الجزائر خلال العهد العثماني أن التعليم كان منتشرا وأن كل جزائري تقريبا كان يعرف القراءة والكتابة.

وقد كان التعليم حرا من سيطرة الدولة ومن سيطرة الحكام العثمانيين، فكان سكان كل قرية ينظمون بطرقهم ووسائلهم الخاصة تعليم القرآن والحديث والعلوم العربية والإسلامية، لأن دراسة هذه العلوم هي السبيل


(١) بعض الآراء الواردة في هذا الفصل تحتاج إلى إعادة نظر ومع ذلك تركتها على حالها. فقد كتبت الفصل قبل ما تتضح لي معالم الثقافة في العهد العثماني. وسأبز هذه المعالم في كتابي (تاريخ الجزائر الثقافي) الذي أحرره الآن.

<<  <   >  >>