ابن أمين السكة. وليس هذا مقام الترجمة لهذا الشخص الذي لعب دورا بارزا في الفترة الأولى للاحتلال ثم غضب عليه الفرنسيون ونفوه مثل بقية زملائه. ونكتقي بالقول هنا بأنه كان من حضر مدينة الجزائز وأنه تولى منصب أغا العرب في بداية الحكم الفرنسي، وأن المصادر الفرنسية تذكر أنه لم يقم بواجبه على أحسن وجه، وأنه كان رجلا يخشى منه. لذلك نفته السلطات الفرنسية من الجزائر حتى لا يفكر في التآمر ضدها. وقبل أن يعود إلى الجزائر أقام مدة في باريس وتزوج هناك من فرنسية (١).
وأثناء إقامته في فرنسا أدلى بالآراء التالية أمام اللجنة الأفريقية (اللجنة الثانية).
ونود أن نلاحظ، قبل إيراد آرائه، أن كلامه قد جاء في محضر اللجنة بضمير الغائب، أي أن كاتب اللجنة هو الذي صاغ كلامه، خلافا لزميليه بوضربة وحمدان خوجة الذي سيأتي ذكره. ونلاحظ ثانيا أن ابن أمين السكة قد تحدث في نفس الجلسة (رقم ١٣) التي تحدث فيها بوضربة.
وأخيرا نلاحظ أن كاتب المحضر قد ذكر أن آراء ابن أمين السكة وبوضربة كانت متشابهة ولم تختلف إلا في جزئية واحدة سنذكرها. والواقع غير ذلك. فرغم أن المحضر لم يسجل له (بضمير الغائب) سوى حوالي عشرة أسطر، فان النغمة التي تسود آراء ابن أمين السكة كانت تشوبها المرارة، كما أن أفكاره كانت نافدة للفرنسيين أكثر منها ناصحة لهم أو مقترحة عليهم الحلول الصالحة، شأن أفكار بوضربة. فاذا أخذنا في الحسبان هذه الاعتبارات نستطيع أن ننظر في الحديث القصير الذي سجل له في محضر جلسات اللجنة.
ذكر ابن أمين السكة الفرنسيين بأنهم جاءوا إلى الجزائر، كما أعلنوا، محررين لا منتصرين. ولذلك فقد كان من المفروض أن يكونوا أصدقاء
(١) انظر عنه الفصل الرابع. وقد لاحظنا هناك أنه توفي سنة ١٨٣٤ وهو ما يزال شابا، حسب الروايات المعاصرة.