للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قلة المؤونة. ومن سوء حظ الحاج أحمد أن ابن عيسى الذي كان عضده الأيمن تخلى عنه وعرض خدماته على الفرنسيين.

ولكن الحاج أحمد لم يلق السلاح رغم ضياع عاصمته وملكه، عرضت عليه فرنسا الأمان وحمله إلى بلاد إسلامية فرفض (١). وضع خطة جديدة لمقاومة الفرنسيين وقطع خط التموين عليهم الرابط بين عنابة وقسنطينة. ولكن صهره اعترض على هذه الخطة وأراد أن يحارب فرحات ابن سعيد أولا ثم الفرنسيين. وهي الخطة التي كان فيها (هلاكى) حسب تعبيره. وقد اجتمعت عليه عدة عوامل سيئة: موت أو تخلى أحد قواده عنه. خلافه مع صهره بوعزيز والتحاق هذا بالفرنسيين الذين عينوه شيخ العرب. محاولة الأمير عبد القادر مد نفوذه إلى إقليم قسنطينة بتوجيه نداء إلى أعيانه وتعيين خلفاء له فيه أمثال حسن بن عزوز. فرحات بن سعيد الذي لم ينس عزله له حتى بعد سقوطه (أي الحاج أحمد) من الحكم. وباي تونس الذي كان يغار منه ويكيد له لدى القبائل المجاورة ولدى السلطان، ثم فرنسا التي كانت ترى في وجوده بين العرب علامة خطر وكانت تؤلب عليه القبائل وتخلق له الصعوبات أينما حل. ويمكن أن نضيف إلى هذه القائمة سلبية السلطان الذي كان الحاج أحمد يعتمد عليه حتى بعد سقوطه (٢).

ظل الحاج أحمد يقاوم كل هذه العوامل من سقوط قسنطينة سنة ١٨٣٧ إلى استلامه في صيف ١٨٤٨.كان ينتقل من قبيلة إلى أخرى، ومن الجبل إلى الصحراء. وبينما كان في جبل أحمر خدو اتصلت به السلطات


(١) أرسلت إليه فرنسا اثنين من أعيان المنطقة وهما ابن العطار والحاج الباي. ويذكر في مذكراته أنه كان يميل إلى قبول العرض لولا اعتراض صهره ابن قانة. ولكن يجب أن نتذكر أنه كان يكتب المذكرات وهو سجين وأن الاعتراض قد يكون منه وليس من صهره.
(٢) جاء في المذكرات أنه كان يكتب إلى السلطان كلما وصل إلى مكان آمن، يذكره بوعوده ويطلب منه المساعدة ويشكو إليه بمرارة.

<<  <   >  >>