وبعد مؤتمر فيينا عينت فرنسا قنصلا جديدا لها في الجزائر وهو بيير دوفال Duval ، في ٢٨ أوت ١٨١٥. وقد حمل إلى الباشا هدايا تقدر ب ١١٢،٩٢٤ فرنك تضم مجوهرات وساعات وأقمشة وأسلحه. وفي مقابل ذلك أعاد الباشا إلى فرنسا الامتيازات التي فقدتها، وكان ذلك في ١٧ مارس ١٨١٧ إثر حملة اللورد اكسموث الانكليزي على الجزائر (١٨١٦). وتساهلت الجزائر فخفضت مقدار الضريبة السنوية المقررة على فرنسا من ٣٠٠،٠٠٠ الى ١١٨،٠٠٠ فرنك.
كان دوفال المذكور إبنا لمترجم فرنسي كان يعمل في السفارة الفرنسية في اسطانبول وقد تولى جميع مهامة القنصلية في القنصليات الفرنسية بآسيا الصغرى. وكان يتكلم العربية والتركية (١). ورغم أنه كان فد واجه بعض الصعوبات منذ البداية في مهمته فانه كان يمتاز باتباع سياسة التعفن الاجتماعي والتوريط وخلف الوعد، وهي ما يعبر عنها الغربيون بالروح الشرقية.
وكان دوفال يعتبر هذه الوسيلة هي طريق النفاذ إلى الباشا وبالتالي التأثير عليه وكسبه. ومما يذكر أنه سلم، دون بقية القناصل الأجانب، الجزائريين الذين كانوا في خدمته إلى السلطات المحلية أثناء ثورة ١٨٢٣.
أما الباشا حسين فقد تولى الحكم سنة ١٨١٨ خلفا للباشا علي خوجة.
وقد اشتهر بالغيرة على الدين، وباليقظة الدائمة، والميل إلى الأهالي. وكان دون الخمسين من عمره حين تولى الحكم. وقد ورث قضية الدين الذي على فرنسا لرعاياه اليهود. كما واجه عدة ضغوط من فرنسا وبريطانيا بعد مؤتمر فيينا، لإلغاء الرق وإبطال دفع الضريبة السنوية على الدول الأوروبية.
والواقع أن هناك أقوالا متضاربة حول شخصيته ومزاجه وقدرته. فبعضهم
(١) قال عنه خوجة في (المرآة) ص ١٦٦ أنه لم يكن يتكلم التركية جيدا، وأن قدرة دوفال على التركية تشبه قدرة خوجة على الفرنسية.