تبعا للظروف. وكانت هذه الهدايا غالبا ما ترسل على سفن مسيحية، بل كان أصحاب هذه السفن يعتبرونه شرفا لبلادهم أن تحمل سفنها الهدايا إلى السلطان من حكام الجزائر. والهدايا كانت غالبا لا تخرج عن الحياك والساعات والجواهر والخيول والعبيد والزرابى والتبغ ونحو ذلك. أما السلطان فقد كانت هداياه إلى حاكم الجزائر مما تحتاجه البلاد ويقوي ساعدها اقتصاديا وعسكريا. فقد كانت غالبا تشمل الأسلحة والبارود والحديد والسفن الحربية والتجارية (١).
وكان هناك تعاون بين الطرفين في عدة ميادين. ففي الميدان الدولي قطعت الجزائر علاقاتها مع فرنسا بطلب من السلطان عندما كانت هذه في حرب ضد مصر وسورية (١٧٩٩)، وفي مناسبة أخرى أرسلت الجزائر بقطعة من أسطولها (حوالي ثمان سفن حربية) لمساعدة السلطان في معركة نافارينو، كما أرسلت ثلاث سفن لمساعدة الدولة العثمانية في قمع ثورة اليونان (١٨٢٣).
أما في الميدان الداخلي فقد كانت الجزائر ترسل بالعملاء إلى الشرق، وخصوصا منطقة آسيا الصغرى، لتجنيد المتطوعين في الانكشارية. وفي بعض الأحيان كانت السلطات العثمانية تقوم بالتجنيد بطلب من الجزائر.
وكان العملاء يوزعون النقود ويعدون المتطوعين بمغريات كثيرة في الجزائر كالفتيات الحسان والشوارع المرمرية الجميلة. وكان عدد المجندين يختلف من سنة إلى أخرى تبعا للوضع الاقتصادي الذي كانت عليه الجزائر. وكلما انحفض عدد المتطوعين عجزت الحكومة الجزائرية عن مواجهة الاضطرابات
(١) أنظر تفاصيل هدايا السلطان وحاكم الجزائر في بيير بوابي (الحياة اليومية في مدينة الجزائر) La vie quotidienne a Alger (باريس ١٩٦٢)، ص ٨٥ - ٨٦، وفي الكتاب تفاصيل أخرى عن النظام والإدارة عامة. ومن الوثائق الجزائرية التي تناولت موضوع الهدية رحلة ابن حمادوش الجزائري المسماة (لسان المقال ...) أنظر دراستي عنها في (مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق) أبريل ١٩٧٥.