للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أحمد بوضربة لعب دورا بارزا خلال السنوات الأولى للاحتلال، ومع ذلك فلا نعرف عن حياته إلا قليلا. وكل ما نعرفه حتى الآن هو أنه كان من حضر مدينة الجزائر الذين كانوا في الغالب تجارا ميسورين، والذين لم يكونوا على علاقة طيبة مع الحكم العثماني، ولكنهم كانوا راضين بنصيبهم منه على الأقل ظاهريا. ونعرف أيضا أنه كان قد أقام فترة من الوقت في مرسيليا مشتغلا بالتجارة. وهناك تعلم، كما يقول الفرنسيون، اللغة والعادات والتقاليد الفرنسية، وتزوج من فرنسية. وقد تورط هناك أيضا في قضية إفلاس مالي جعلته يغادر مرسيليا ويعود إلى مدينة الجزائر. ونعرف أنه حضر في الرابع من جويليه ١٨٣٠، لدى الكونت دي بورمون، قائد الجيوش الفرنسية، بصحبة حسن بن حمدان بن عثمان خوجة، وكاتب الباشا، ليفاوض على تسليم المدينة إلى الفرنسيين، مقتنعا بما أعلنوه عن أنفسهم من أنهم جاءوا محررين للجزائريين من ربقة الاضطهاد (التركي).

ومنذئذ تكونت علاقة بينه وبين بورمون، فكان يثق فيه ويستشيره في شئون الجزائر الداخلية (١). وبورمون هو الذي ولاه رئاسة أول مجلس بلدي في مدينة الجزائر. وكان يأخذ برأيه في تعيين الأهالي ولا سيما الحضريين، في المناصب الجديدة. فهو الذي اقترح، كما قيل، إسناد منصب آغا العرب إلى الحضري حمدان بن أمين السكة، وهو الذي أوصى بتعيين الحاج مصطفى بن عمر بايا على التيطري، وكان يقترح سياسة فرنسا نحو باي قسنطينة وباي وهران. وقد استمر على مكانته وتأثيره عند خلفاء بورمون أيضا فقد ولاه كلوزيل إدارة أملاك مكة والمدينة، ووضع فيه برتزين ثقته.

يصفه الفرنسيون بعدة أوصاف متناقضة أحيانا. فهم من ناحية يثقون


(١) دي رينو ج ١ ص ٩٩.

<<  <   >  >>