للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عزله واتهمه بالتآمر. وقد وقف اليهود، كما ذكرنا، والمسيحيون أيضا موقفا عدائيا من المواقف الواضحة التي وقفها ضد انتهاك المساجد وتأثير النفوذ اليهودي كل حساب العرب. وكان لخوجة رأي في هؤلاء أيضا. فقد كان ساخطا على كلوزيل سخطا شديدا، وكان ناقما على برتزين، خليفة كلوزيل وعلى بيشون.

وإذا كنا قد عرفنا أن الدوق دي روفيغو قد وقف من الخضريين موقفا عدائيا فانه قد وقف من خوجة في أول الأمر، موقفا مختلفا. فقد أعاد إليه داره التي كان قد استقر فيها أحد الضباط، وأرسله للتفاوض مع الآغا محيي الدين بن مبارك، مرابط القليعة، وكلفه بمهمة سرية لدى الحاج أحمد باي قسنطينة. فذهب مرتين إلى قسنطينة (أوت وأكتوبر ١٨٣٢ ودامت رحلته إلى ديسمبر من نفس السنة) محاولا إقناع الباي باقتراح الدوق وهو الاعتراف بالسيادة الفرنسية ودفع جزية سنوية لفرنسا (١). ثم توترت العلاقات بينه وبين الدوق فنفاه من الجزائر. كما أن اليهودي بكري قد أغرقه في قضايا مالية شائكة جعلته يتابعها لدى مجلس الدولة في فرنسا.

وفي شهر ماي ١٨٣٣ كان في باريس يدافع عن قضية الجزائر ويشرحها أمام الرأي العام الفرنسي والعالمي. وكان للضغط الذي قامت به فئة المنفيين الجزائريين في باريس الفضل في تحرك البرلمان الفرنسي وظهور اللجنة الأفريقية. وفي نفس الشهر المذكور أرسل خوجة مذكرة إلى مجلس الدولة الفرنسي عن حالة الجزائر، وفي ٣ جوان أرسل، مع ابراهيم بن مصطفى باشا،


(١) رحلة خوجة إلى قسنطينة ما تزال غامضة. فهل كان يعمل لصالح الدوق، أو لصالح الحاج أحمد (كما اعترف هو أمام اللجنة الأفريقية) أو لصالح الباشا حسين الذي كان على اتصال به، أو لصالح شيء آخر. حول هذه الرحلة أنظر أيضا الكتيب الذي ألفه علي أفندي بن حمدان بن عثمان (خوجة) وذكريات رحلة من الجزائر إلى قسنطينة عبر الجبال. ترجمه إلى الفرنسية دي سولسي Desaulcy (ميتز، ١٨٣٨). ومما يذكر أن على هذا نذهب مع أبيه إلى قسنطينة. لم نعثر بعد على النص العربي لهذا العمل.

<<  <   >  >>