الحاج المخفي الذي لا يشكان في نيته. وجاء معهما المخفي إلى الجزائر، ولكن بمجرد وصولهما اعتقلا وقيدا مكبلين إلى السجن. وقد تأثر صديقهما المخفي لذلك واحتج وطلب من الفرنسيين اتهامه مثلهما ومد يديه إلى القيد معهما.
ورغم أن كثيرا من الرسائل من القبائل قد وصلت إلى الدوق تطالب باطلاق سراح القائدين مسعود بن عبد الواد والعربي بن موسى فان الدوق لم يرضخ. وقد جاء بقضاة حاكموهما ونفذ الفرنسيون فيهما حكم الإعدام خلال فبراير عام ١٨٣٣، أي قبل حوالي شهر واحد من مغادرة الدوق الجزائر نهائيا، وقد مات في باريس خلال يونية من نفس السنة، يعاني كما يقول الذين درسوا حياته من (أزمة ضمير).
أما الآغا محيي الدين، الذي كان يريد له الدوق نفس المصير، فقد شعر بالخطر فانضم إلى الأمير عبد القادر. وقد عينه هذا خليفة له على مدينة مليانة، وأصبح من المقاومين البارزين. ولكن بقية حياته ما زلنا نجهلها (١).
وهناك شخصية عربية أخرى غريبة الأطوار والتصرفات في هذه الأثناء ذلك هو فرحات بن سعيد شيخ العرب في منطقة الزاب الصحراوية. كان فرحات قد عين شيخا على العرب من طرف إبراهيم باي قسنطينة السابق وعزل خصمه ابن قانة. كان شخصية طموح لا يبالي بالوسائل إذا كانت توصله إلى أهدافه. ثار سنة ١٨٢١ ولكن صدر عنه العفو وبقي نفوذه الكبير في الجنوب. وكان هناك تنافس خطير بين أسرته وأسرة بن قانة سالت من جرائه دماء غزيرة. وعندما ولي الحاج أحمد بايا على قسنطينة عزل فرحات وعين خصمه ابن قانة شيخا على العرب. وكان ابن قانة صهرا للحاج أحمد.
(١) عن دور ومكانة محيي الدين (الآغا) لدى الأمير عبد القادر أنظر محمد باشا (تحفة الزائر)، ط. الاسكندرية، سنة ١٩٠٣.