وما بي حب الرمل لكن بي هوى ... ويغريك بالشيء البعيد الحبائب
وكذلك فعلنا في مسارق الشعراء، فأنا لم نعرض منها إلا لما تكون الفائدة في المعرفة به دون المعرفة باستراقه، أو الاستراق منه.
وألغينا الأسانيد خيفة التطويل إلا في أحد ثلاثة مواضع: إما خلاف نورده، وغفل نحضره، فنحتاج إلى إسناد يعضده، وإما أثر شرف روايةً في نفوسنا، وكان من أماثل من أدركناه في زماننا فحسبنا أن التخفيف بحذفه لا يبلغ ثمن العطل من التحلي بذكره، وإما فائدةٍ كان موقعها منَّا لطيفاً، وموردها عندنا غريباً، فرأينا أن الإغماض عن ذكر من أستفدناها منه خلل في المروءة، وشعبة من كفر النعمة، وغمط لإحسان لسنا أغنياء عن أمثاله، ولا مكتفين دون ما نستأنف من أشكاله، فقد حدثني أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ إنه كتب إليه أبو عبد الله النيسابوري أنه سمع أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يحكي عن العباس أبن محمد الدوري أنه سمع أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: من شكر العلم ذكرك الفائدة منسوبةً إلى من أفادك إياها أو كما قال.
وأغنانا عن سياقة الأسانيد كلها طريقتنا في الإتقان وما نحن من ٠٠٠٠إيثار شدة ٠٠٠ الصحيح من السقيم.
وينبغي لك يا قارئ الكتاب إن كنت تحب الشعر أن تعتده مختار أشعار القبائل، فإن كنت تحب الأخبار تمثلته مؤلفاً في سير الجاهلية والإسلام ومقصوداً بالأغرب فالأغرب من المعارف والآثار، وإن كنت تحب اللغة تصورته كتاباً مرتبطاً " ٠٠٠٠ " من عقائلها، ومن الشواهد عليها، وإن كنت تحب النسب - وهو أصعب علوم العرب - احتسبته سياقة جماهير الأنساب، وذكر الجمل من معارف الأشراف، وأيقن أنك لو أردت أن تصنف منه مئين من الكتب لأمكنك، لأنك تأتي إلى أخبار إياس بن معاوية - مثلاً - فتجد في بابه من أخباره عند ذكر مزينة ما لو أفردته مؤلفاً لما كان معيباً، على إقراري بالعجز دون الغاية، إذ كانت