لا تظنن من هذا الأنموذج وطريق ضرب المثال رخصة منى في رفع الظواهر واعتقاداً في إبطالها حتى أقول مثلاً لم يكن مع موسى نعلان، ولم يسمع الخطاب بقوله {فاخلع نَعْلَيْكَ} . حاش لله! فإن إبطال الظواهر رأى الباطنية الذين نظروا بالعين العوراء إلى أحد العالمين ولم يعرفوا الموازنة بين العالمين، ولم يفهموا وجهه. كما أن إبطال الأسرار مذهب الحشوية. فالذى يجرد الظاهر حشوى، والذى يجرد الباطن باطنى. والذى يجمع بينهما كامل. ولذلك قال عليه السلام:"للقرآن ظاهر وباطن وحدٌّ ومطلع" وربما نقل هذا عن علىّ موقوفاً عليه. بل أقول فهم موسى من الأمر بخلع النعلين اطِّراح الكونين فامتثل الأمر ظاهراً بخلع نعليه، وباطناً باطراح العالمين. وهذا هو "الاعتبار" أى العبور من الشىء إلى غيره، ومن الظاهر إلى السر. وفرق بين من يسمع قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا يدخل الملائكة بيتاً فيه كلب" فيقتنى الكلب من البيت ويقول ليس الظاهر مراداً، بل المراد تخلية بيت القلب عن كلب الغضب لأنه يمنع المعرفة التى هى من أنوار الملائكة: إذ الغضب غول العقل، (و ١٤ـ ب) وبين من يمتثل الأمر في الظاهر ثم يقول: الكلب ليس كلباً لصورته بل لمعناه - وهو السبعية والضراوة - وإذا كان حفظ البيت الذى هو مقر الشخص والبدن