وتبدأ المخطوطة بأول الرسالة وهو "الحمد لله فائض الأنوار وفاتح الأبصار وكاشف الأسرار الخ.
وتنتهى بقول الناسخ:
"تمت كتابة مشكاة الأنوار ومصفاة الأسرار. اللهم اغفر لنا مع الأبرار. يسر العسر يا ميسر الأعسار ويا خارق الأستار بحرمة محمد سيد شفيع الأشرار وقامع الكفار. تاريخه سبع وتسعمائة من هجرة النبوة".
وقد اعتمدنا في تحقيق هذه الرسالة على هاتين المخطوطتين، واعتبرنا مخطوطة شهيد على أصلاً، وسجلنا القراءات المخالفة الواردة في مخطوطة بلدية الإسكندرية في الهوامش. ولكن هذا لم يمنعنا في كثير من الأحيان أن نأخذ بقراءات مخطوطة بلدية الإسكندرية ونثبتها في المتن ونذكر ما يخالفها من قراءات مخطوطة شهيد على في الهامش؛ فقد كان رائدنا في تحقيق النص الأخذ بأفضل القراءات.
٥- ترجمات المشكاة والدراسات التى وضعت حولها:
لم تلق رسالة "مشكاة الأنوار" من عناية الباحثين ما لقيه بعض كتب الغزالى الأخرى على الرغم من أهميتها ومنزلتها العالية بين كتب المؤلف التى كتبها في عصر نضجه. والرسالة جديرة بالدراسة والتحليل العميق لما تلقيه من ضوء على بعض المسائل التى عالجها الغزالى في كتب سابقة عليها، ولأنها تصور الموقف النهائى الذى وقفه من هذه المسائل. وقد جرؤ فيها على ما يجرؤ بالتصريح بمثله في أى مؤلف آخر: فقد أشرف فيها على القول بوحدة الوجود، وخلص بعد مناقشات طويلة إلى القول بأنه ليس في الوجود موجود حقيقى إلا الله؛ لأن كل ما سواه مستمد وجوده منه؛ وما كان وجوده عارية فهو في حكم المعدوم. فالعالم في حقيقته لا وجود له. وأقصى ما صرح به في كتبه الأخرى قوله "إنه ليس في الوجود إلا الله وآثاره والكون كله من آثاره".
ولعل السر في عدم إقبال الباحثين على دراسة هذه الرسالة أنها تدور حول موضوع خاص ضيق في مظهره وإن كان واسعاً عميقاً في حقيقته.