للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: وجوب الإمساك عما شجر بين الصحابة]

من المبادئ العظيمة التي قررها سلف الأمة وسار عليها من جاء بعدهم من الأئمة وتمسك بها أهل السنة قاطبة: الإمساك عما شجر بين الصحابة

-رضوان الله عليهم أجمعين- والترحم عليهم جميعًا، ومحبتهم وعدم ذكرهم إلا بالثناء الحسن الجميل على ما جاءت بذلك الآثار عن السلف ومَنْ بعدهم مِنْ أهل العلم.

فعن عمر بن عبد العزيز ﵀ أنه سُئل عن علي وعثمان وصفين وما كان بينهم؛ فقال: «تلك دماء كف الله يدي عنها، وأنا أكره أن أغمس لساني فيها» (١).

وسئل الإمام أحمد: «ما تقول فيما بين علي ومعاوية -رحمهما الله-؟ فقال أبو عبد الله: ما أقول فيها إلا الحسنى: ﵏» (٢).

وقال أبو الحسن الأشعري: «وأما ما جرى بين علي والزبير وعائشة ﵃ فإنما كان عن تأويل واجتهادٍ، وعلي الإمام وكلهم من أهل الاجتهاد، وقد شهد لهم النبي ﷺ بالجنة، فدل على أنهم كلهم كانوا على حق في اجتهادهم.

وكذلك ما جرى بين علي ومعاوية ﵄ كان على تأويلٍ واجتهادٍ، وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين، وقد أثنى الله ورسوله على


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٥/ ٣٠٧)، وانظر السنة للخلال (١/ ٦٢).
(٢) أخرجه الخلال في السنة (١/ ٤٦٠).

<<  <   >  >>