الإسراف تعنُّتاً لصاحبه وحملاً عليه بالإنحاء الشديد، والقول الشنيع، والنّداء الفاضح، والحديث المُخزي، وجرياً مع شفاء الغيظ وبرد الغليل؟ لأن جرعة الحرمان أمرّ من جرعة الثكل، وضياع التأميل أمضّ من الموت، وخدمة مَن لم يجعله الله لها أهلاً أشدُّ من الفقر، وإنما يُخدم من انتصب خليفة لله بين عباده بالكرم والرحمة، والتجاوز والصّفح، والجُود والنائل، وصلة العيش وبذل مادة الحياة وما يُصاب به روح الكفاية؛ وحرمان المؤمّل من الرئيس ككُفران النعمة من التّابع ورحَى الحَرْب في هذا الموضع راكدة، والقراعُ عليه قائم، والخطابة في دفعه وإثباته واسعة، والتَّمويه مع ذلك مُعترض، والإعتذار مردود، والتأويل كثير، والتَّنزيل قليل.
ولقد رأيت الجَرجائيّ - وكان في عِداد الوزراء وجلّة الرؤساء،