وهذا باب يرجع إلى معرفة الأحوال إذا وردت مشتبهة مستبهمة، وعواقب الأمور إذا صدرت مستنيرة متوضّحة؛ وثمرة هذه المعرفة السّلامة في الدنيا والكرامة في الآخرة، وبهذه المعرفة يصحّ الصرف والموازنة، وتمييز ما اختُلف فيه مما اتُّفق عليه، وما ترجّح بين الاختلاف والاتفاق، ولم يقم عند الامتحان والنظر على ساق.
وهذه حال لا تستفاد إلا بقلة الرضا عن النفس، وترك الهُويني في التشاور والتخاير، ومُجانبة الوِكال كيف دار الأمر وأين بلغت الغاية.
وأنت - حفظك الله - إذا نظرت إلى الدنيا وجدتها قائمة على هذه الأركان، جاريةً على هذه الأصول، ثابتة على هذه العادة؛ فكلّ من كان نصيبه من الكيس والحزامة أكثر، كان قسطه من النفع والعائدة أوفر، وكل من كان حظّه من العقل والتأييد أنزر، كانت تجارته فيها أخسر، وعاقبته منها أعسر.
وهذا الباب جماع المنافع والمضار، وبه يقع التفاوت بين الأخيار والأشرار، وبين السّفلة وذوي الأقدار؛ وهو باب ينتظم الصّدق