ذلك يأتي على كل ما تتوق إليه النفس من كرم ولؤم، وزيادةٍ ونقص، وورع وانسلاخ، ورزانة وسُخف، وكَيْس وبَلَه، وشجاعة وجُبن، ووفاء وغدر، وسياسة وإهمال، واستعفاف ونطْف، ودهاء وغَفْلة، وبيانٍ ووعيّ، ورشادٍ وغيّ، وخطإٍ وصواب، وحِلْم وسفَه، وخلاعة وتمالُك، ونَزاهة ودَنَس، وفظاظة ورقّة، وحياء وقِحَة، ورحمة وقسوة.
وقلتَ: ولا يحلو موقع ذلك كله ولا يعذُب ورده، ولا يغزر عدُّه، ولا ينقاد السمع له، ولا يَراح القلبَ به إلا بعد أن تَدع المحاشاة وأنت مُقتدر، وتفارق المخاشاة وأنت مُنتصر، وإلا بعد أن تترك العدوَ والحاسد ينقدّان بغيظهما انقدادا، ويرتدّان على أعقابهما ارتدادا؛ فإنّ التَّقية في هذا الفنّ مَجْزعة مضْرعة، وركوب الرّدع فيه مأْثرة ومَفخَرة.