للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمِنَ الشَّاهِدِ عَلَى الشِّرْكِ فِي التَّنْزِيلِ: قَوْلُ اللَّهِ فِي آدَمَ وَحَوَّاءَ عِنْدَ كَلَامِ إِبْلِيسَ إِيَّاهُمَا ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ﴾ إِلَى ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ [الأعراف: ١٨٩ و ١٩٠].

وَإِنَّمَا هُوَ فِي التَّأْوِيلِ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ لَهُمَا: سَمِّيَا وَلَدَكُمَا عَبْدَ الْحَارِثِ (٩٧)، فَهَلْ لِأَحَدٍ يَعْرِفُ اللَّهَ وَدِينَهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَيْهِمَا الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ مَعَ النُّبُوَّةِ، وَالْمَكَانِ مِنَ اللَّهِ، فَقَدْ سَمَّى فِعْلَهُمَا شِرْكًا، وَلَيْسَ هُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ.

وَأَمَّا الَّذِي فِي السُّنَّةِ: فَقَوْلُ النَّبِيِّ : "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ" (٩٨)، فَقَدْ فَسَّرَ لَكَ بِقَوْلِهِ: (الْأَصْغَرُ) أَنَّ هَاهُنَا شِرْكًا سِوَى الَّذِي يَكُونُ بِهِ صَاحِبُهُ مُشْرِكًا بِاللَّهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ: الرِّبَا بِضْعَةٌ وَسِتُّونَ بَابًا، وَالشِّرْكُ مِثْلُ ذَلِكَ" (٩٩) فَقَدْ أَخْبَرَكَ أَنَّ فِي الذُّنُوبِ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً تُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ، وَهِيَ غَيْرُ الْإِشْرَاكِ الَّتِي يُتَّخَذُ لَهَا (١٠٠) مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَلَيْسَ لِهَذِهِ الْأَبْوَابِ عِنْدَنَا وُجُوهٌ إِلَّا أَنَّهَا (١٠١) أَخْلَاقُ


(٩٧) يشير المصنف الى حديث "لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث فسمته عبد الحارث، فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره"، ولكنه حديث ضعيف كما كنت بينته في "الأحاديث الضعيفة" (٣٤٢). والضمير في قوله تعالى: (جعلا)، إنما يعود إلى اليهود والنصارى، بذلك فسره الحسن البصري كما رواه ابن جرير بسند صحيح عنه، وهو أولى ما حملت عليه الآية، كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره.
(٩٨) تقدم تخريجه، فراجعه إن شئت في التعليق رقم (٧٩).
(٩٩) أخرجه البزار من حديث ابن مسعود مرفوعًا بسند رجاله رجال الصحيح كما قال المنذري والهيثمي. وهو عند ابن ماجه دون ذكر الشرك، وسنده صحيح.
(١٠٠) كذا الأصل ولعل الصواب (فيها).
(١٠١) الأصل (أنا) ولعل الصواب ما أثبتنا.

<<  <   >  >>