لسانك منه، في الجد والهزل؛ فإنه يريق ماء الوجه ويسقط المهابة، ويستجر الوحشية، ويؤذي القلوب، وهو مبدأ اللجاج والغضب والتصارم، ويغرس الحقد في القلوب؛ فلا تمازح أحدا؛ فإن مازحك أحد فلا تجبه، وأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وكن من الذين إذا مروا باللغو مروا كراما.
فهذه مجامع آفات اللسان، ولا يعينك عليه إلا العزلة، أو ملازمة الصمت غلا بقدر الضرورة؛ فقر كان أبوبكر الصديق رضي الله تعالى عنه يضع حجرا في فيه ليمنعه ذلك من الكلام بغير ضرورة، ويشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد. فاحترز منه بجهدك؛ فإنه أقوى أسباب هلاكك في الدنيا والآخرة.
[آداب البطن]
وأما البطن: فاحفظه من تناول الحرام والشبهة، واحرص على طلب الحلال، فإذا وجدته فاحرص على أن تقتصر منه على ما دون الشبع، فإن الشبع يقسي القلب، ويفسد الذهن، ويبطل الحفظ، ويثقل الأعضاء عن العبادة والعلم، ويقوي الشهوات، وينصر جنود الشيطان.
والشبع من الحلال مبدأ كل شر، فكيف من الحرام وطلب الحلال فريضة على كل مسلم، والعبادة مع أكل الحرام كالبناء على السرجين.
فإذا قنعت في السنة بقميص خشن، وفي اليوم والليلة برغيفين من الخشكار، وتركت التلذذ بأطيب الأدم، لم يعوزك من الحلال ما يكفيك، والحلال كثير.
وليس بعليك أن تتيقن بواطن الأمور، بل عليك أن تحترز مما تعلم أنه حرام أو تظن أنه حرام ظنا حصل من علامة ناجزة مقدرة بالمال؛ أما المعلوم فظاهر، وأما المظنون بعلامة فهو مال السلطان وعماله، ومال من لا كسب له إلا من النياحة، أو بيع الخمر، أو الربا، أو المزامير؛ وغير ذلك من آلات اللهو المحرمة. فإن من علمت أن أكثر ماله حرام قطعا، فما تأخذه من يده - وإن أمكن ان يكون حلالا نادرا - فهو حرام؛ لأنه الغالب على الظن.
ومن الحرام المحض ما يؤكل من الأوقاف من غير شرط الواقف، فمن لم يشتغل بالتفقه فما يأخذه من المدارس حرام، ومن ارتكب معصية ترد بها شهادته، فما يأخذه باسم الصوفية من وقف أو غيره فهو حرام.
وقد ذكرنا مداخل الشبهات والحلال والحرام في كتاب مفرد من كتب إحياء علوم الدين، فعليك بطلبه؛ فإن معرفة الحلال وطلبه فريضة على كل مسلم، كالصلوات الخمس.
[آداب الفرج]
وأما الفرج: فاحفظه عن كل ما حرم الله تعالى، وكن كما قال الله: (وَالذَينَ هُم لِفُروجِهم حافِظون، إِلاّ عَلى أَزواجِهِم أَو ما