للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما القسم الأول وهو الخبر المقطوع بصدقه فيجب قبوله عقلاً وشرعاً، لأنه خبر لا يخالطه احتمال الخطأ أو الكذب عقلاً، وقد أوضح الإسلام أنه لا بد أن يأتي عن أحد مسلكين:

الأول: أن يخبر بالخبر جمع من الناس يستحيل في مقياس العقل السليم اتفاقهم على الكذب فيه، ويكون ذلك حينما يروي الخبر جمع غفير من الناس تباينت أغراضهم، وافترقت مصالحهم وكانوا بحالة لا يجمعهم فيها على الكذب جامع.

ويحلق به ما تواردت عليه مجموعة من شواهد النقول الإخبارية، ودلائل الآثار الأرضية والكتابية، والمصورات والتسجيلات الصوتية، وبعض الاستدلالات والاستنتاجات العقلية، حتى يصبح التسليم بمضمون الخبر أمراً حتمياً لا شك فيه لدى العقلاء المنصفين، وحتى يصل في نفوسهم إلى درجة اليقين.

والاعتماد على مجموعة الدلائل المختلفة يجب أن يكون مصحوباً بالتبصر العقلي، وبالتمحيص الكامل والاحتياط التام، حتى يشهد العقل بنفي احتمال التزوير في الوثائق، أو الخطأ أو الكذب في الإخبار.

وبهذا المسلك المقطوع به شرعاً وعقلاً حفظ الله القرآن الكريم من التحريف والتبديل، إذ تكفل بحفظه فأعلن في سورة (الحجر/١٥ مصحف/٥٤ نزول) : قوله:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}

الثاني: أن يرد الخبر على لسان نبي من أنبياء الله تعالى أو رسوله من رسله، وقد أحاط الله الأنبياء والرسل الذين يبلغون عنه بوضع يجعل التسليم بنقولهم وأخبارهم عن الله قضية مقطوعاً بها عند كل المنصفين من العقلاء، ذلك بسبب ما صانهم به من العصمة عن الكذب وسائر المعاصي، وبسبب ما أيدهم به من المعجزات الباهرات التي لا يأتي بها أو بمثلها إلا رسول مؤيد من عند الله، ومصدق من قبله بلسان حال المعجزات، فالمعجزات التي يجريها الله على أيدي رسله وأنبيائه دليل قاطع على صدق رسالاتهم، وصدق أخبارهم التي يخبرون بها عن ربهم.

<<  <   >  >>