للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما النصوص الدينية في هذا المجال فلا نجد فيها نصاً ثابتاً قاطع الدلالة على ما يخالف هذه الحقيقة التي أثبتها الاستدلال العقلي، ثم شهدها الحس لما تحرر من منطقة الخداع البصري، بل نجد في النصوص الدينية ما يفهم من عمومها دلالات توافق ما انتهى إليه دليل العقل ثم دليل الحس، وحين نجد بعض العلماء السابقين قد فهموا من هذه النصوص فهماً مخالفاً لهذه الحقيقة فما علينا إلا أن نصحح فهمهم، ونعيد النظر في اجتهادهم، لأن النصوص الدينية المبلغة عن الله بطرق ثابتة يقينية لا يمكن أن تكون دلالاتها الصحيحة مناقضة للحقيقة والواقع، وعملية المراجعة هذه لا تمس النصوص الدينية ذاتها، وإنما تمس المفاهيم الاجتهادية التي فهمها مجتهدون ليسوا بمعصومين عن الخطأ، على أن كثيراً من العلماء المسلمين السابقين قد فهموا من هذه النصوص الدينية مفاهيم تتفق مع النتيجة العلمية التي انتهت إلهيا وسائل الاستدلال العقلي والإدراك الحسي.

والواقع في كل الأحوال هو الحَكَم على كل وسائل الاستدلال.

(٥)

بعد أن أوضحت لنا الخطوط الكلية العامة للمنهج العلمي الإسلامي، ظهر لنا تماماً زيف ادعاءات الناقد (د. العظم) إذ صور المنهج الإسلامي كما يشتهي أن يصوره للناس، لتنفيرهم من الإسلام، وأخذ يغالط في الأمور بناءً على ادعاءاته الكاذبة، ثم أخذ يصدر بناء على مغالطاته وأكاذيبه أحكاماً تقريرية من عند نفسه يتهم بها الإسلام ومنهجه للوصول إلى المعرفة.

وما أعتقد أنه يجهل هذه الحقائق كلها أو بعضها عن الإسلام ومنهجه العلمي، ولكن المبطلين كثيراً ما يعرفون الحق إلا أنهم يراوغون عنه، ويحاولون طمس وجهه المشرق الجميل، لأنه يخالف أهواءهم ولا يحقق لهم ما يشتهون، وهذه هي علتهم النفسية.

أما الشاكون الباحثون عن الحقيقة بإخلاص فإنهم لا يغالطون ولا يكذبون ولا يتلاعبون بالحقائق، ومتى وصلوا إلى إدراك الحقيقة بأنفسهم، أو عُرِّفوا بها عن

<<  <   >  >>