للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحينما يخبر الدين بأخبار صحيحة ثابتة يقينية عن أمور غيبية لا تستطيع الوسائل الإنسانية التوصل إليها بإثبات أو نفي، فهي أخبار ليس من حق العلم الإنساني أن ينفيها، ولكن لما ثبت أن الدين من عند الله، وثبت ببرهان المعجزات صدق الرسول، ورأينا صدق الأخبار الدينية الثابتة في كل الأمور التي استطاع العلم بوسائله الإنسانية التوصل إليها، كان كل ذلك شهادة بأن الأخبار الأخرى عن أمور الغيب وحق وصدق، ويجب الإيمان والتسليم بها.

ويتابع الناقد (د. العظم) بإصرار دعائي كاذب، فيقول:

"إن محاولة طمس معالم النزاع بين الدين والعلم ليست إلا محاولة يائسة للدفاع عن الدين، يلجأ إليها كلما اضطر الدين أن يتنازل عن موقع من مواقعه التقليدية، أو كلما اضطر لأن ينسحب من مركز كان يشغله في السابق".

ما هذا الكذب العظيم الذي لجأ إليه في هذا الافتراء؟! ألا أخبرنا عن قضية واحدة مما تنازل عنه الدين للعلم؟ وما هي المواقع التي تنازل عنها الدين وانسحب منها أو تراجع فيها؟

هل تراجع الإسلام عن عقيدة من عقائده.

هل تراجع الإسلام عن حقيقة ثابتة بنص يقين؟

إذا كان يريد تصحيح اجتهادات بعض المجتهدين من المسلمين فليست هذه الاجتهادات جزءاً من نصوص الدين، حتى يعتبر الدين مسؤولاً عنها، وحتى يعتبر تصحيحها تراجعاً في الدين. إن الخلافات في فهم النصوص الإسلامية ما زالت ولن تزال قوة حركة علمية بين علماء المسلمين.

فدعواه التراجع وتصويره له بالصورة التي راقت له قضية مفتراة لا أساس لها من الصحة، وليأتنا بواحدة منها حتى نناقشه فيها.

إنه لن يستطيع إلا بالمغالطة والتضليل، بيد أن التراجع مشاهد في النظريات العلمية لصالح الدين، وسنعقد لهذا بحثاً منفصلاً.

<<  <   >  >>