للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخالد مع العذاب الأليم، دون أن يحقق لنفسه أي كسب في الحياة الدنيا من موقفه السلبي الإنكاري.

وإن أقول له ما قال الله في سورة (الزمر/٣٩ مصحف/٥٩ نزول) :

{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُو?اْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ياعِبَادِ فَاتَّقُونِ} .

لقد كان من الأهون عليه يوم الجزاء لو آمن وعصى، وعرَّض نفسه لعقاب العصيان فقط، وحَمَى نفسه من عقاب الكفر الذي لا نهاية له، هذا إذا كان الدافع له إلى سبيل الكفر رغبته بالفجور، والانطلاق في تلبية أهوائه وشهواته. أما إذا كان العناد والكبر هما الدافع له إلى الإلحاد والكفر فهذا شيء آخر لا دواء له إلا التنازل عن الكبر والعناد، أو ليتحمل نتيجة كبره وعناده.

وحين قال (د. العظم) : "إن الدين بديل خيالي عن العلم، ولكن تنشأ المشكلة عندما يدَّعي الدين لنفسه ولمعتقداته نوعاً من الصدق لا يمن لأي بديل خيالي أن يتصف به".

فقد اعترف ضمناً بأنه لا يمكن لأي بديل خيالي أن يظفر بالثقة التي يظفر بها الدين، بما في ذلك الآراء الإلحادية التي يجهد الملحدون بزخرفتها وتزيينها، ومد الأصبغة والطلاءات عليها.

والسر في ذلك أن الدين حق، ولا يستطيع الباطل أن يظفر بما يظفر به الحق.

وأما كون الدين يدعي لنفسه ولمعتقداته الصدق فهذه قضية خاضعة للقياس البرهاني، إذا كانت المعارف الديِّنة مما تستطيع الوسائل الإنسانية الحسية أو الاستدلالية أو العقلية المجردة التوصل إليها. وهنا نجد التلاقي التام بين الثابت من العلم والثابت من الدين. أما غير الثابت من هذا أو ذاك فليس صالحاً من أساسه لأن يقف موقف اليقين والمعارضة، بل هو احتمال قد يكون راجحاً وقد يكون غير راجح.

<<  <   >  >>